آراء في التربية والتعليم
لا ينبغي القبول بالتّسليم بكلّ ما يقال من مواقف العامّة عن التربية والتعليم من مثل ” تعليم قبل كان أحسن ” و ” يا حسرة على قيمة المعلم والأستاذ ” و ” جيل الاستقلال نجح في طلب العلم بلوحة وكتاب قراءة و كراس منزل ” …
تشابه لا يخرج عن مفارقة غريبة في العلاقة ” مدرّس _ وليّ ” في ما يتعلق بالطفل المتعلم : كان الوليّ ” يقول حاسبني بجلدو ” . واليوم يستودع الوليّ منظوره مدرسة خاصة تتولى كل المهام التربوية أو يودعه محضنة مدرسية تتولى رعايته و مراجعة دروسه ليعود الى بيته مساء فيتعشى ثمّ يخلد إلى نوم هنيء !
الجدال المحتدم في تحديد من يقف وراء نجاح التلميذ أو فشله : البعض يعزو النجاح أو الفشل للتلميذ والبعض الآخر يرى أن المدرّس هو من يتحمل الثناء على النجاح أو الوزر في حال الفشل المدرسيّ للتلميذ . ويسقط أولئك الدور المحوري للوليّ وكأنّ الأمر لا يعنيه ومسألة نجاح ابنه أو فشله خارجة عن اهتمامه .
ظاهرة غريبة في صفوف الأولياء الشبان اليوم تتمثل في تصور علاقتهم بأبنائهم التلاميذ : نحن نوفر لكم كل وسائل النجاح المادية والباقي عليكم . وينسون عن جهل أهمية تأمين الاحتياجات العاطفية للأبناء وتغذية الذكاء العاطفي و تقويم العلاقة بأبنائهم و تنقيتها من التشويه .
يهمل كثير من الأولياء وخاصة الشبان منهم أهمية اللعب في التواصل وتنمية العلاقة بأبنائهم وكأنهم يرون في اللعب مضيعة للوقت ! لو أدركوا قيمة لعبة مثل الدومينو لوجدوها تصلح للترفيه و تنشيط الذهن و تعلم إستراتيجيات اللعب و التدريب على الانخراط في المجموعة والالتزام بآداب اللعب وقانون اللعبة و قبول الربح والخسارة .
المتفوق دراسيا ليس دائما ناجحا اجتماعيا ! والجمع بين النجاحين مؤشر للنجاح في الحياة .لذا على الأولياء ألا يغرسوا في أبنائهم عقدة التفوق المدرسيّ واستصغار كل ما سواه . ولنا في نظرية تعدد الذكاءات خير دليل على أن الغباء غير موجود وأن كل فرد يمتع بذكاء معين يناسب شخصيته و تكوينه الجينيّ و ووظائفه الفيزيولوجية وقدراته الذهنية والبدنية .
” ولدي خير من ولدك . أحنا بعاد على بعضنا وكل واحد يعاشر من طنجو “
هكذا تتحول بعض العلاقات الأسرية بمعيار غير علمي ولا منطقي .وكأن العلاقات يجب أن تبنى وفق تكافؤ معرفي وتحصيليّ يلغي الروابط الاجتماعية والأسرية .
الشهادة لا تعني دائما النبوغ والتفوّق . فكم من تلميذ متواضع الإمكانات في مراحله التعليمية الأولى تفوّق في اختتام دراسته على من سبقوه بالشهائد وأصبح له شأن كبير .وهذا يدل على أن كثيرا من المتعلمين يظهر نبوغهم متأخرا أو تقصف أحلامهم لعدم تفهمهم والأخذ بأيديهم . النجاح يحتاج إلى فرص مؤاتية أيضا .
التربية للحياة : مبدأ دعت إليه اليونسكو منذ عقود ولم يُوظّف بشكل كاف في تربية الأبناء انطلاقا من البيت . ربّوا أبناءكم ليعيشوا في مجتمع ما فتئ يتغير و يتطور .
هل لنا عبقريون / موهوبون ؟
نعم وبكل تأكيد . والواجب اكتشافهم و تخصيص قرية لرعايتهم بمربين مختصين يتم انتقاؤهم بمعايير دقيقة لا دخل للوساطات فيها إذ يعتبر هذا المشروع وطنيا وإنسانيا .
ارتفاع نسب الفشل المدرسي والانقطاع المبكر دليل إدانة لمنظومة تربوية فاشلة أطرافها البرامج والمدرسون والمتفقدون والأولياء . هي إذن مسؤولية جماعية منذ وضع البرامج الى التنفيذ والتقييم .
قسم التحضيري أولى العقبات :
رغم تحقق مكسب “منهاج السنة التحضيرية ” واشتغال المكوّنين على تفعيله. الوليّ ما فتئ يتدخل في عمل المنشطين والمنشطات ويطالب بنتائج تفوق ما هو مطلوب من تلميذ السنة الأولى !؟ والمتضرر هنا هو الطفل الذي لم يعد بعد تلميذا . المرحلة قبل المدرسية تهيئ الطفل لدخول معترك المرحلة الابتدائية باكتساب مهارات وتحقيق اقتدارات . أما أن يجهز بما يفوق قدراته الذهنية و البدنية والحسية الحركية فهذا ضرب من الخبل وسوء تصرف وتدبير .
ترشيد دور الوليّ ضروري لتصحيح المسار وكسب رهانات التربية والتعليم و المشاركة في بناء مجتمع متجذر في واقعه و منفتح على العالم من حوله .
يجب شجب مقولة ” عند الامتحان يُكرم المرء أو يهان ” لأنها محبطة للعزائم . فلفظة الاختبار أخف وطأة . جنّبنا الله جميعا المحنة وويلاتها .
يجب الضرب بشدة على ظاهرة الدروس الخصوصية و تجفيف منابعها وعدم التبرير بتدني القدرة الشرائية للمربين والأساتذة . هذه الظاهرة داء استفحل واستحال علاجه بحرص من الوليّ وممارسات أخرى تستحق تدوينة لذاتها !؟
أبناؤنا وغزو الصورة وإدمان الأنترنات :
ندر ألا يكون لأي طفل جوّال أو لوحة رقمية أو حاسوب يشغله عن الدراسة. والمسؤولية تعود للوليّ الذي عليه أن يحسن التصرف في توجيه منظوره وترشيده في استعمال وسائل الاتصال التكنولوجية وإكسابه قيما تواصلية شعارها احترام الغير . هذه وجهات نظر في التربية والتعليم تبقى ذاتية تقبل المناقشة .