فتيل الجهويات يشتعل مجددا
من منّا لا يتذكّر كرة القدم وما فعلته في عقول الشّباب خاصّة في العشرية الأخيرة والتي كادت أن تلقي بنا في غياهب الجهويات لولا يقظة السلطة آنذاك والتي قضت على كلّ حلم متمرّد و هدّام .
جاءت الثّورة وقالوا سنقضي على كلّ ما يخلّ بعدالة التنمية داخل الجهات وأننا سنقف درعا واقيا ضدّ الفساد إلاّ أنّ العكس هو الذي حصل فقد استشرت الأنانية وحبّ السلطة والهيمنة على الكرسي، سيطروا على عقول أبناء شعبنا فراحوا يلوحون بالشعارات من هنا وهناك والمنادية بإشعال فتيل الجهويات التي أقبرت ونسيناها من أمد بعيد وأذكّرك أخي القارئ إن كنت نسيت وأن الدّولة إبّان الاستقلال زرعت المدارس ومراكز الصحّة العمومية ونظّمت التنظيم العائلي وكانت من أولوياتها ثقافة التحكّم في الإنجاب فراحت تجوب المدن والأرياف برمّتها قاطعة بذلك نعرة العروشية بشعار وطني اسمه تونس للكل لكن مع الأسف فوجئنا بعد سنوات في عصر هذه اللخبطة السياسية وأننا لم نحافظ على هذه المكاسب التي تحقّقت آنذاك بفضل جيل الستينات جيل بداية الدولة الوطنية التي تسمّى وقتها مرحلة البناء الوطني فغير معقول في القرن الواحد والعشرين نمتلك عقلية التفرقة والخراب فلا مجال للتعصّب لأن تونس هي بلد واحد وشعب واحد وتاريخ واحد وأصل واحد، فقدمها في التاريخ لا يوصف وشعبها واعي وثري جدا تعاقبت عليها عشرات الحضارات مرت بمراحل قوية في تاريخها هي قرطاج حكمت في البحر الأبيض المتوسط فجلبت لها احترام كل العالم.
فأتساءل هنا عن عقلية الفعل وردّ الفعل، غلق “الفانة” تعطيل مصانع الغاز، غلق الطريق أمام مناجم الفسفاط ماهذا ؟ هل أصبح سلوكنا اليوم في مشكل؟ هل أصبحنا نفكّر بمبدأ الأنانية في وطن يحوي الكل؟ صحيح وأنّنا نختلف وفي الإختلاف رحمة، نختلف في العادات والتقاليد وطرق أنماط العيش لكن هذا الاختلاف يخلق التنوّع وليس النقمة والتنوع أخي القارئ هو المرجع فتعايشنا مع بعض هو الأصل فنقبل لغة ق و ڤ والشعر الشعبي والبدوي والمعاصر والرأي وهذا لعمري يعطي الإضافة لمجتمعنا التونسي ويقضي بالتالي على عقلية الاقصاء وتجاوز الآخر وفرض الذات .
فسحقا للتعصّب الجهوي والقبلي والمناطقي والقطاعي لذا ابتعد أخي التونسي عن نعرة الجهويات ودع عنك الشعارات الفارغة والواهية ودعنا معا نواصل بناء جيل سليم نغرس فيه روح الوطنية وقيم الأصالة وحب الغير وقيم التضامن والتعايش والعيش الكريم في بلد واحد يحوي الجميع ./.
بقلم حمادي الهنتاتي