بركاتك يا حصّة ما قبل “الدّوفوار” !!!
كتتمّة لمقالي السابق حول الدروس الخصوصية تحت عنوان ” عندما يموت الضمير و تطغى المادّة !!! “، أعرض عليكم اليوم أعجوبة أخرى من غرائب هذا الزمن الأغبر وما تفتّقت عنه قريحة بعض الأساتذة الأجلّاء ممّن يدرّسون المواد الإجتماعية والدينية مثل التاريخ والجغرافيا والتربية الإسلامية والمدنية وغيرها، إذ أنّ هؤلاء الأساتذة ولسوء حظّهم ليس لهم نصيب وافر من الدروس الخصوصيّة كبقيّة زملائهم مدرّسي المواد العلمية واللغوية. ولكنّ المستحيل ليس بتونسيّ كما يُقال، إذ أنّه وقع ابتكار ساعات إضافية لهذه المواد تحت ما يُسمّى بحصّة “ما قبل الدّوفوار. “
لقد اكتشفت هذه السنة العجب العُجاب مع ابنتي التي تدرس بالثامنة أساسي بمدرسة إعدادية كائنة بطريق قرمدة في صفاقس، إذ أصبح من المعتاد لدى بعض الأساتذة دعوة التلاميذ لحضور حصّة إضافيّة في المدرسة ولكن بمقابل وذلك قبل الدخول إلى إجراء فرض مادّة من المواد الإجتماعية الآنف ذكرها. وبالرّغم من أني قضّيت كامل عمري في الدراسة والتدريس إلا أنني غير قادر أن أستوعب الإضافة التي يمكن أن يقدّمها الأستاذ للتلميذ في مثل هذه الحصص !
قد أستطيع أن أفهم جدوى درس خصوصي في مادة علمية كالرياضيات أو الفيزياء (وذلك بالرغم من عدم موافقتي على مبدإ الدروس الخصوصيّة بجميع أصنافها إذ أعتبرها سببا لتواكل التلاميذ وعدم الإعتماد على أنفسهم)، ولكن أن يقوم التلميذ بتلقّي حصة إضافيّة خارج إطار الدرس في مادة إجتماعية فهذا ما لا يمكن أن أتفهمه أو أستسيغه، فأنا لا أرى سببا مقنعا لهذه الحصة سوى أمرا من اثنين لا ثالث لهما : إمّا عدم شرح الدرس و إتمامه من قِبَل الأستاذ خلال حصة المدرسة أو تفضيل الحاضرين في حصة التدارك على بقية زملائهم وذلك بإعطائهم مواضيع مماثلة للأسئلة المزمع طرحها في الفرض مع التأكيد من طرف الأستاذ على الحاضرين بعدم البوح بما وقع تقديمه خلال الحصة إلى بقية زملائهم المتغيّبين (ممّا يزيد في تغلغل مشاعر الأنانية والبغضاء بين التلاميذ)، وفي كلتا الحالتين نستطيع أن نندب الحالة المزرية التي تدنّى إليها التعليم في بلادنا ونقول يا خيبة المسعى !
وفي الختام، لا يمكنني المرور دون إعلامكم بما حدث لابنتي في هذا الإطار ، إذ أنها نجحت في الحصول على عدد جيّد عند إجراء فرض التاريخ الأول بعدما حضرت حصة الدرس الخصوصي لهذه المادة ولكنها فشلت في الفرض الأخير إثر تغيّبها عن الحصة الإضافيّة المعتادة.
ربّما تكون مجرّد صدفة ولكني أميل للقول (مع احترامي الشديد لزملائي الشرفاء) : “بركاتك يا حصّة ما قبل الدّوفوار !” ، كيف لا ؟ وهي التي تُنير العقول وتُلهم التلاميذ فيُصبحون بقُدرة قادر “قُويّين قُويّين قُويّين !!! “
لا حول ولا قوة إلا بالله !