المنصف الوكيل…ما أحلى العيش في بستان الفنون
خَمسونَ سنةً من العطاءِ والبذلِ والجهدِ المتواصل من أجل اسعاد أحباء المسرح والاذاعة والتلفزيون والسنما، ، سنواتٌ مرّت حُبلى بالعطاءات والاجتهادات والمثابرة على حسابِ الصحةِ والعائلةِ والمال والزَمن، ويبقى الاتقانُ والتميّزُ الدَيدَنُ الوحيدُ لارضاءِ النفسِ والشعورُ بالسعادة النفسية في خاتمةِ كل عملٍ فنّي والرضَا بنجاح الأثرِ المقدَّمِ وتَقبُّله بكل استحسانٍ من “الجمهور”…
هكذا ظلّ سَعيُ ضيفنا مترامي الأَوْصَال، جَادًّا في الانتاج والحضور اللُّوجستي، ضيفُنا الفنان المنصف لوكيل الذي جمع بين عدةِ فنونٍ طيلةَ حقبة زمنيةٍ محترمة وَصَال وَجَالَ تحت الأضواء الكاشفة، وفوقَ الركح، وعلى خشبة المسارح…
في مجال المسرح تأثر صاحبُنا بالممثل خالد العكروت في حركاته وأدائه وبالممثل المصري محمد صبحي وكذلك بالمسرح الطلائعي الألماني الى جانب مجموعة من الوجوه المسرحية : علي بن عياد، فاضل الجعايـبي/ التوفيق الجبالي…
يقول المنصف : ولئن تأثرتُ بهذه الوجوه المسرحيّة بأدائها وحُضورها الركحي وإلمامِهَا بمقوّماتِ هذا الفن فإنّ المدرسةَ الأولى التي احتضنَتني وصَقلَت مَوهبتي ويرجعُ لها الفضل الكبير في تحديد شخصيتي تتمثلُ في الوجهِ الثقافي المتميز المرحوم عامر التونسي الذي لازَمته أكثر من عشرين سنة بدونِ انقطاع في مسرح الهواية…
عن بداياته في فن المسرح يُوضّح ضَيفي قائلا : لقد لعبَ المسرحُ المدرسي دورًا هامًا في صقل مواهب التلاميذ خاصةً في سِنّ مبكرة، ومن هذا المنطلق كانت خطوتي الأولى في التمثيل عن طريق أستاذي محمد الحبيب السلامي – أستاذ العربية – الذي دفَعَ البعض من تلامذته الى عشق هذا اللون من الفن، فكانت مسرحية (الطّرَش حِكمَة) والنص للمرحوم المختار حشيشة، تقَمّصت دورًا رئيسيا جلب انتباهَ لجنة التوجيه المسرحي عند عرض المسرحية آخر السنة الدراسية وأنا في سن الخامسة عشرة من عمري.
هذا النجاح دفعني مع ثلة من أصدقائي للاقتراب من الجمعيات المسرحية التي كانت تزخر بها مدينة صفاقس، فانضممت الى جمعية فرحات حشاد للموسيقى والتمثيل ثم جمعية الاتحاد الفني للمتمثيل وقد شاركت في العديد من المسرحيات، من بينها : (الجنون فنون) – (سيدي القاضي) – (العبد الأسود). ثم انضممت بعد ذلك الى جمعية عامر التونسي للتمثيل حيث كانت الفرصة سانحة لأشارك في عدة أعمال مسرحية مثل (باع يا عالم باع) وكذلك (حساب الآخرة)…هذا النشاط المكثف وفّر إليَ خبرة محترمة وأداء ركحيا جلب انتباه المسؤولين على الساحة الثقافية جهويًا ووطنيا…من هنا ودّعتُ عمل الهواية لأدخل عالم الاحتراف حيث جاءت الدعوة من قِبل الأستاذ صابر الحامي مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس للانضمام الى الفرقة المسرحية وقد كانت الحصيلة مثمرة من بينها (احسونه الليلي) التي افتتحنا بها المهرجان الدولي بالحمامات سنة 2003 (أطفال الينبوع) مسرحية للأطفال عرضت بمدينة فاس المغربية…
وتحت ادارة الأستاذة نصاف بن حفصية قدّمنا مسرحية (العمالقة) خاصة للأطفال وقد عرضت في مهرجان القاهرة للمسرح.
وبقدوم الأستاذ حاتم الحشيشة المدير الحالي للمركز قدمنا عدّة أعمال من بينها (بين البَيْنين)، أما آخر عمل مسرحي فكان تحت عنوان (المهفات) و(عالم الألعاب)
الجدير بالذكر أن تجربة الاحتراف مكنتني من المشاركة في أكثر من 25 مسرحية للأطفال والكهول وهي حصيلة أعتزّ بها في مجال المسرح الى جانب ما يقارب 15 مسرحية في صنف الهواية.
شهدت أعمالك التلفزية نسقًا فنيًا استساغَهُ الجمهور وتابعه بكل شغف هَلْ من تذكيرٍ بأهمّ المحطات ؟
*البداية كانت مع سنة 1974 على مستوى الهواية حيث شاركت في عدة مسرحيات من بينها : سيدي القاضي، العبد الأسود…ثم انطلقت التجربة مع عدة مسلسلات : حسابات وعقابات، الليالي البيض، عاشق السراب، أيام مليحة، عزيزة ويونس، نجوم الليل، الزوجة الخامسة، وهي في مجملها لكبار المخرجين في تونس (صلاح الدين الصيد، الحبيب المسلماني، عبد القادر الجربي، وغيرهم) هذا طبعًا دون أن ننسى سلسلة (شوف لي حلّ) و(انسيبتي العزيزة)
سألت ضيفي : دخلت عالم السينما والأفلام، لكن بصورة محتشمة في ما أعتقد ؟
*مجال السينما عالم فسيح وفي تونس تنقصنا العديد من المعدّات والتقنيات لكن هذا لم يمنعني من المشاركة في بعض الأشرطة الهامة وأذكر على سبيل المثال : شريط (ابن خلون) و(رزق البيليك) هذا الى جانب بعض الأشرطة التحسيسية الهادفة…
نختم بالنشاط الاذاعي، أين تضع نفسك ؟
*مع سنة 1976 انضممت الى قسم التمثيل تحت ادارة المرحوم عامر التونسي، ثم شاركت في عدة مسلسلات ومسرحيات ومنوعات الى جانب مسرح الطفل والمسامع التمثيلية من ذلك : دبّر علي، وسع بالك، سي رجب، كريكاتور، ألف ليلة وليلة، بسمة وضحكة، دار القفل…
أخيرًا يقف المنصف لوكيل ليقيّم أعماله، فماذا يقول ؟
*الأعمال الفنية بشتى أنواعها هي معاناة وتضحية، تضحية بالوقت والصحة والمال أحيانا، فكم من عمل يتطلب الشهور لانجازه وكم من “بروفة” تستحق الاعادة والتكرار…
أشكر الله الذي أعانني في مسيرتي الفنية وأحمده لِمَا أدخلت من سعادة في صفوف المستمعين والمشاهدين وما أسهمت به من عطاء من أجل اثراء المشهد الثقافي في ربوع تونس العزيزة…
مع تحيات علي السقا