الكوميدي دي لارتي في تظاهرة تجارب مسرحية بصفاقس- الهاشمي العاتي مبدعا ومعلّما
في اطار تظاهرة تجارب مسرحية التي ينظمها مركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس من 4 الى 16 جوان الجاري يتابع جمهور الفن الرابع بمدينة صفاقس في برمجة اليوم السادس اليوم 9 جوان 2021 ابتداء من الساعة السادسة والنصف مساء مسرحيّة “المهفّات” للهاشمي العاتي بالمركّب الثّقافي محمّد الجمّوسي.
مسرحية «المهفات» عمل من إخراج الهاشمي العاتي وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس الذي يديره الفنان حاتم الحشيشة بدعم من وزارة الشؤون الثقافية وجمّع فيها جيش من الممثلين المحترفين، المنصف لوكيل، لزهر بوعزيزي، مقداد المعزون، سامي المزغني، حمادي الملولي، نجم الدين بلغيث، دنيا مناصرية، مهدي ساسي، عمر بن سلطانة، جميلة خنفير، منير المثلوثي واحمد الخليفي وتقنيين متميزين في الاضاءة والصوت كما استعان في صناعة الاقنعة بمحي الدين بن عبدالله، اما المحتوى فشد انتباه المشاهدين بين الجدية في الطرح والعبثية في الاداء الكوميدي.
مسرحية “المهفات” تبدأ من مشهد بسيط يصطاد فيه رفيقان السمك على ضفة نهر، لكن المسرحية سرعان ما أخذت المتفرج إلى أطر مكانية أخرى وهي القصر الرئاسي ومجلس النواب، حيث تحاك الدسائس والمكائد ويعم الفساد المالي والأخلاقي؛ انتقال من الجزئي البسيط إلى الكل، لمعالجة قاضايا هامة.
ويطرح المخرج من خلال مسرحية «المهفات» الواقع السياسي التونسي والأحداث السياسية الأخيرة على غرار الانتخابات الرئاسية 2019 مستخدما تقنية الكوميديا السوداء.
اعتمد المخرج على الكوميديا دي لارتي فجلّ الممثلين يلبسون الأقنعة وتلك الأقنعة هي أقنعة السياسيين، هي اقنعة من يتحدثون باسم الشعب وفي المقابل ينهبون خيراته، اقنعة الكوميدي دي لارتي كان الهدف منها دفع المتفرج الى محاولة اكتشاف وجه الشخصية وهي ايضا عملية رمزية لكشف مدى زيف السياسيين وكلما نزع قناع ظهر اخر اشدّ ظلمة.
للموسيقى رمزيتها، فهي دليل المتفرج لفهم احداث المسرحية بالموسيقى يتنقل العمل من مشهد الى آخر، الموسيقى تتماهى مع الديكور فموسيقى مياه البحر خلفها ديكور يحملك الى عوالم البحر وزرقته وامتداداته والموسيقى العسكرية يتغير معها الديكور ليصبح القصر الرئاسي بزينته وبهرجه، ثمّ موسيقى هادئة وحزينة كانها تأوهات شيخ فقد الامل في واقعه ومعها يتحول الديكور إلى دار للمسنين بكراسيها القديمة وحديقتها المنسية فالسينوغرافيا كانت محملا للاحداث ووسيلة للتدرج والانتقال من مشهد إلى آخر لتأكيد أهمية الترميز في المسرح.
ويشرف مخرج مسرحية المهفات الهاشمي أيام 11.12.13 جوان 2021 تربص تكوينيا في الكوميدي ديلارتي بالمركب الثقافي محمد الجموسي لفائدة الشباب المولع بالمسرح عموما وبهذا النمط المسرحي خصوصا الذي ابدع فيه الهاشمي العاتي من خلال تجربته.
للتعريف بهذا النمط المسرحي، الكوميديا المرتَجلَة أو الملهاة المرتجلة Commedia dell’arte شكل مسرحيّ إيطالي ازدهر في أوروبا ابتداءً من القرن السادس عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر.
على الرغم من أن إصطلاح “الكوميديا الفنية”، أو كوميديا ديلارتي الارتجالية الايطالي، موغل في القدم تاريخيا، إلا أنّه ما زال حاضرا بقوة في مسرحنا المعاصر بشكل أو بآخر، وبخاصة في مجال المسرحيات الكوميدية الهزلية.
هو نوع من الأداء التمثيلي الملهوي، يقوم نصّه إلى حد كبيرعلى ارتجال ممثلين محترفين، وقد انحدرت أصول هذا الفن من الأشكال التمثيلية الشعبية الضارب أصولها في أعماق تاريخ الرومان، ولقد عاش هذا اللون الملهوي الشعبي في إيطاليا في القرن السادس عشر، ثم انتقل بسرعة مذهلة إلى غيرها من البلدان الأوروبية الأخرى، وظل قائما هناك حتى أوائل القرن الثامن عشر، والملهاة المرتجلة أو الاحترافية، ظهرت لتناقض المسرحية التقليدية التي كانت تكتب ليحفظها الممثلون، وتقوم على تخطيطة قصصية يعرفها الممثلون قبل الظهور أمام الجمهور، وعند الأداء المسرحي يكسو الممثلين الهيكل القصصي بالحوار وكان من نتيجة استخدام شخصيات أساسية وثانوية في شكل ثابت، ومواقف شبه دائمة، ونكات هزلية معروفة سلفا، أن أصبحت الملهاة المرتجلة أقل ارتجالية.
تحديات بالجملة يرفعها حاتم الحشيشة ابتداء من الفترة الزمنية التي حددها في وضع وبائي لم تتشجع اي جهة لتنظيم تظاهرات ثقافية خوفا من الفشل وطول المدة وفترة امتحانات ومراجعة، اضافة الى ثراء المحتوى المقدم على الخشبة والتكوين، رفع التحدي فاستجاب الفنانون والجمهور ثقة منهم لحرفية هذا الرجل المهووس بالفن فرفعت له القبعات.