صفاقس تفقد قامة علمية وطبية في الجراحة العامة

لبى داعي ربه الاثنين 10 أوت 2020 الأستاذ الاستشفائي الجامعي الدكتور محمد عصام البيروتي عن سن تناهز 72 سنة.
والأستاذ محمد عصام البيروتي طبيب مختص جراح، متقاعد من رئاسة قسم الجراحة العامة بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس، بعد أن مر بجراحة الكلى والعظام والمخ والاعصاب.
الدكتور محمد عصام البيروتي أصله من طرابلس لبنان، درس الطب في مدينة تولوز الفرنسية وتخصص في الجراحة، وانتهى به الامر بالاستقرار في مدينة صفاقس بعد زواجه من السيدة أسماء عبيد. وأثمر زواجه عن أربعة أبناء رامز (طبيب مختص) وناهد (مهندسة معمارية) ورحمة (طبيبة مختصة)، و ابنةأخرىتوفيت إثر حادث مرور.
عندما نتحدث عن الحكيم محمد عصام البيروتي نتحدث عن الرجل الطيب الإنساني أب المستضعفين الذي أخلص للقطاع الصحي العام، وبقي رئيس قسم الجراحة العامة بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة طيلة 23 سنة إلى حين تقاعده.
الفقيد العزيز، الى جانب تخصصه، يحدثك عن التاريخ والفلسفة والأدب بفضل رصيده المعرفي الواسعبلهجة عذبة تمزج بين لهجة اللبناني ولهجة الصفاقسي. وكل لقاء أو جلسة معه هي لحظات ممتعة من التواصل والود يبهرك فيها بذكائه واريحيته وسعة اطلاعه.
عندما نتحدث عن الحكيم محمد عصام البيروتي نتحدث عن الأستاذ الجامعي الذي نعته كلية الطب بصفاقس بنص يقطر حزنا على أحد أعمدة الجراحة العامة الذين مروا بالكلية وعرفتهم المدينة. هذا الاستاذالجامعي الوسيم طويل القامة وصاحب ابتسامة اسطورية وشخصية كاريزماتية. له آلاف الطلبة عرفعندهم -أمس واليوم وغدا – بكفاءتهوببيداغوجيته. زرع فيهم قدسية مهنة الطب، درّسهم علم التشريح في السنة الأولى ووجههم “متربصين” ثم عطف عليهم “مقيمين” وأحبهم في كل هذه المراحل وأحبوه.
وعندما نتحدث عن محمد عصام البيروتي نتحدث عن الجرّاح فمرضاه يعدّون بمئات الآلاف من صفاقس والجنوب وحتى من الوسط والشمال الغربي. إنه الطبيب البشوش، الذي يمزج بين العلم والإنسانية وهذه ميزة لا يملكها الكثير،فالكل يشهد بإنسانيته وكفاءته. إنه يعمل في قسم الجراحة من الثامنة صباحا إلى العاشرة ليلا وأكثر، ولا يعرف عطلة يوم الأحد ولا العطلة السنوية. لقد سخر حياته لعمله مع مرضاه وطلبته.
الدكتور محمد عصام البيروتي – رحمه الله- شخصية استثنائية في دائرة الطب والمجتمع . انه انسان محترم ورصين ومشبع بالتواضع يترك أروع الذكريات لكل من يتشرف بالعمل معه والتعرف عليه، ولا بد ان يرسخ في ذهنك كلمات او أفكارا او صورا. علّم طلبته ان مهنة الطب “تسخير النفس لخدمة المرضى”،علّم طلبته الطب الذي لا تجده في الكتب، والكثير منهم يردد اليوم مقولته “أبنائي أحبوا مرضاكم” بمعنى اعتنوا بعلاج مرضاكم، ولا تنسوا أبدا “الجرعة” الإنسانية تجاهم. وهذه جزء من فلسفته في الحياة التي يرفض ان يعادلها بالمال وبالقصور وبآخر موديلات السيارات !
ولأنه احب مهنته نجح فيها واحبه كل المحيطين به.
صديق الجميع…..المثقف المتواضع الإنساني الذي يعطيك من لسانه حلاوة ومن عقله حكمة ومن تجربته كنزا للحياة وللموت.
رحم الله محمد عصام البيروتي إنها خسارة ووجع كبير لعائلته وأهله وأصدقائه وطلبته وزملائه وأحبابهفي تونس ولبنان. وسيبقى خالدا في ذاكرتنا جميعا بخصاله الإنسانية وقدراته المهنية وطاقته الجبارة للعمل لانه عاش مرابطا في شغله لا يكل و لا يمل من اجل شفاء مرضاه وتكوين طلبته.
وإنا لله وإنا إليه راجعون