قصّة (عالجبين عصابة)

يروي الرواة أن شابا اشتدّ به الفقر وأشقاه اليتم والوحدة فقرّر أن يضرب في الأرض يبحث عن السعادة في الرزق والأنس..طوى الأرض من بنقردان وهو يبحث حتى وصل الى جزيرة جربة..عرض نفسه على من لقي من رجالها فلقي رجلا من أغنيائها وفلاحيها يمدّ له يد العطف والرحمة.

اتخذه مساعدا له وليس له من أولاد غير ابنته…وأظهر الشاب الصدق والانسانية والاخلاص فقربه وجعله موطن مشورته وسرّه فصار يدخل بيته ويجالسه وفي البيت ظهرت بنت الرجل الجربيّ ببهائها وجمالها ولطفها فدخلت قلبه وصارت بطلة أحلامه…

أحبّها ولكنه لم يفصح عن حبّه فقد عرف قدره..فأين الشاب الفقير الغريب من بنت الغنيّ والحسب والنسب..حتى تدخل القدر فمرض الجربيّ ولزم الفراش، ولكن من يتولّى شؤون البيت ويستقبل زواره ؟ كلّف الشاب بالأمر فقبل، وصار واحدا من أهل الدار يلاقي البنت الصبية البهية بالليل والنهار.

وتحوّل الحب في صدره الى نار عجز عن إخمادها فباح للبنت الصبية بها فإذا هو يجد ما فيه فيها.

تكاشفا وتبادلا الحبّ سرّا صَبَرَا في انتظار أن يمنّ الله على الوالد بالشفاء..ولكن الشفاء تأخر والمرض زاد وتقدّم وأحسّ الوالد بدنوّ أجله فقرّر أن يزوّج ابنته بمن يحفظها ويحميها…فكّر وقدّر واختار لها ابن عمّها…ودعا الى الاسراع في عقد العقد وإقامة الحفل.

في الحفل كان الشاب الغريب الحبيب يرقص على نغمة المزمار والطبل رقص الطائر المذبوح

وكانت الحبيبة تربط رأسها بعصابة بعد عصابة تشد وتسكّن بها ألم رأسها لذلك وبذلك نطق لسان الشاب الحبيب فقال وغنّى وهو يرقص :

يا دايرة عالجبين عصابة الفم يضحك والعيون غضابا ، هيلا هيلا يا شوشان

ياما جيت بروحي من قصر بن قردان
بعد كلاني الوشم، ياما ما أكبر جروحي ، هيلا هيلا يا شوشان
ياما جيت ندادي من قصر بن قردان
لا كلب ينبح و لا صغير ينادي ، هيلا هيلا يا شوشان
ياما جيت منقلّ من قصر بن قردان
مضروب بالكرطوش ياما حملي مثقّل ، هيلا هيلا يا شوشان
على الجمل يهدر يا خالقي يا مولاي
هيّا نركبو الإثنين و إلّا نحدّر ، هيلا هيلا يا شوشان
هيّا نركبو الإثنين

ملاحظة : معنى هيلا هيلا يا شوشان هي أمر للعبد الذي يقول الجمل بالاسراع

تلكم الأغنية الشعبية وتلكم قصتها في الأدب الشعبي.

واليوم امتدّت لها مشاعر الشاعر فبدّل وغيّر وأضاف إليها (زيتونة وتفاحة)وكساها الملحن بثوب ألحانه، واختطفتها أمينة فاخت فغنتها كما جدّدوها واشتهرت على الألسن هكذا

يا دايره عالجبين عصابة *** الفم يضحك والعيون غضابه

واللي يا تعذيبي ***يا وحش قليبي من فراق حبيبي***هيلا هيلا يا شوشان

نزرعلك زيتونة في وسط قلبي والله شوفو محلاها

نزرعلك تفاحة في وسط قلبي والله شوفو جراحه ***هيلا هيلا يا شوشان

ملاحظة : على القارئ أن ينتبه من الفوارق ويحكم

قالوا عن الأغاني

الحياة سفينة محطمة لكن علينا ألا ننسى أبدا لذة الغناء في قوارب النجاة