في افتتاح الدورة 21 من مهرجان الأغنية التونسية : ذكرى محمد في البال … حضور بارز لنجوم الموسيقى … وغياب للإبهار
اخلالات في الإضاءة والديكور …” سواد وقتامة ” على الركح … فهل يتم التدارك ؟
انطلقت مساء الثلاثاء 7 مارس 2023 الدورة الواحدة والعشرون لمهرجان الأغنية التونسية التي تتواصل إلى غاية يوم 12 من الشهر نفسه، تحت شعار ” الدنيا غناية” وذلك بحضور وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي وعدد من الممثلين الدبلوماسيين المعتمدين في تونس، ومجموعة من الفنانين والاعلاميين والصحفيين التونسيين والعرب. وقد اضفى الجمهور الحاضر بتشجيعه وتصفيقه وهتافاته وتفاعله مع مختلف فقرات الحفل اجواء مبهجة وحماسية على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي .
ضيوف عرب
و أهدى المهرجان سهرة الافتتاح التي انطلقت بالنشيد الرسمي، ونشطها الثنائي حاتم بن عمارة وأميمة العياري، إلى روح الفنانة الراحلة ذكرى التي غادرتنا منذ عشرين سنة وكان ذلك تحديدا في نوفمبر 2003 وهي في اوج مسيرتها الفنية ( من مواليد 1966) وفي قمة نجاحاتها ،حيث كانت محل اهتمام كبار الملحنين وكبار الشعراء من تونس ومصر وغيرها من البلدان العربية. وقد رحلت ذكرى وهي في قمة مجدها، تاركة رصيدا حافلا من الاغاني الناجحة باللهجة التونسية وبعدة لهجات عربية وما لا يقل عن 16 البوما. وقد حرص عدد من المطربين والموسيقيين العرب لا سيما من ليبيا ومن مصر وخاصة ممن عرفوا الفنانة الراحلة أو تعاونوا معها ، على الحضور و مشاركة التونسيين سهرة الوفاء والذكرى للفنانة ذكرى ومن بين هؤلاء نذكر الفنان هاني شاكر والفنان محمد الحلو والموسيقي صلاح الشرنوبي من مصر والشاب جيلاني والفنان خالد الزواوي من ليبيا.
خصوصية تونسية
وفي كلمة بالمناسبة وقبل الإعلان رسميا عن انطلاق الدورة الجديدة للمهرجان، تحدثت وزيرة الشؤون الثقافية باعتزاز عن مهرجان الاغنية التونسية العريق والذي يتجدد من خلاله اللقاء مع المبدعين في مختلف مجالات فن الغناء الراقي وفق قولها، وشددت الوزيرة التي عبرت عن ترحيبها الكبير بضيوف المهرجان على اهمية الحفاظ على خصوصيات الاغنية التونسية وعلى اصالتها بالتوازي مع الانفتاح على انماط جديدة داعية الفنانين إلى مزيد البذل الابداعي والتجديد وتطوير الاغنية حتى يبقى صوت الطرب الموسيقي الراقي صادحا في بلادنا وحتى يصل صداه إلى محيطها الاقليمي. واكدت الوزيرة على القيمة التي توليها بلادنا للثقافة والفنون مشددة على أنها منارة تونس المضيئة والمضيافة، تونس الجمال والمحبة والسلام.
نقطة تحول
أما رئيس لجنة التنظيم محمد الهادي الجويني، فقد أشار إلى أن الدورة الواحدة والعشرون لمهرجان الأغنية التونسية ستكون نقطة تحول في تاريخ المهرجان، الذي يشهد انطلاقة جديدة تقوم على مبدأ لمّ شمل الفنانين من كل المشارب سواء كانوا فناني الأداء أو كتاب الأغاني أو الملحنين أو صناع المحتوى، مبرزا أن المهرجان يسعى إلى تحقيق تلك المعادلة المتمثلة في منح الأغنية التونسية الأصيلة المكانة التي تستحقها بالتوازي مع فتح المجال امام الانماط الجديدة واشكال التعبير الفني المبتكرة.
تكريمات
وكرم المهرجان بالمناسبة وقبيل انطلاق الحفل الموسيقي، مجموعة من الفنانين الكبار واولهم الموسيقار الكبير عبد الرحمان العيادي الذي قدم اجمل الالحان للفنان ذكرى ومن بينها رائعتها ” إلى حضن أمي”. كما كرم المهرجان الموزع المصري هاني عبد الكريم الذي وزع ألحانا للفنانة ذكرى إلى جانب تكريم الموسيقار المصري المعروف صلاح الشرنوبي، فيما حظيت الإعلامية المصرية منى الشاذلي بتكريم خاص منحت خلاله بإلقاء كلمة موجزة و حماسية عن حبها لتونس.
مسيرة فنية .. ونجومية
واذ كانت الفنانة ذكرى غائبة عن المهرجان جسديا، فإنها كانت حاضرة تصدح بصوتها القوي والعذب، من خلال الفيديو الذي تم بثه حول مسيرتها والمقتطفات من البرامج التلفزيوينة القديمة التي ظهرت فيها وخاصة برامج الراحل نجيب الخطاب الذي كان له فضل كبير في التعريف بالفنانين التونسيين والعرب إلى الجمهور العريض، ومن بينهم ذكرى باستضافتهم في برامجه التلفزيونية والاذاعية ذات القاعدة الجماهيرية الواسعة، وهو مكن كان أيضا في تحقيق الشهرة والنجاح لكل من كاظم الساهر وهاني شاكر وعاصي الحلاني وأنغام وأصالة وميادة حناوي وحسين الجسمي وصابر الرباعي ولطيفة ويسرى محنوش ومحمد الجبالي وغيرهم…
سهرة تونسية – عربية
وقد تولى عدد من الفنانين التونسيين خلال السهرة تقديم اغان للفنانة ذكرى وافتتحت سلسلة الاغاني الفنانة الشابة أمنة دمق التي أدت أغنية ” إلى حضن أمي” وقد تولى خلالها الموسيقار عبد الرحمان العيادي قيادة الفرقة الوطنية للموسيقى، قبل أن يسلم المشعل لمديرها الحالي يوسف بلهاني، مع العلم أن العديد من الفنانين التونسيين والعرب قد نوهوا بالفرقة وبكفاءتها العالية. وأدت الفنانة الشابة صفاء سعد من جهتها أغنية “وحياتي عندك” ثم قدم غازي العيادي اغنية “انا زي زمان” ثم قدمت نوال غشام أغنية ليبية عنوانها “وصلني جواب”” وهي من رصيد ذكرى محمد الغنائي، فيما قدم الشاب جيلاني من ليبيا أغنية “سلبت عقلي” تلته ألفة بن رمضان بأدائها لأغنية ” كل اللي لاموني”. وقدم خالد الزواوي اغنية ” من قالك يا عين” وأدت أية دغنوج أغنية “الله غالب”. واختتمت يسرى محنوش السلسلة بأدائها أغنية “الاسامي” وقبلها أدى الفنان هاني شاكر أغنيته ” يا ريت” وقد شدد في كلمته بدوره على حب تونس، وأشاد بقوة بحرفية الفرقة الوطنية للموسيقى،و كان الفنان محمد الحلو قد أدى أغنية جينيريك مسلسل ” ليالي الحلمية ” الشهير وسط تصفيق حار من الجماهير.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الفنان محمد الجبالي الذي ادى اغنية لذكرى بعنوان ” يوم ليك ويوم عليك” قد فاجأ الفنان هاني شاكر بتقديم مقطع من احدى اغانيه وسط تشجيع قوي من الجمهور قبل أن يشاركه النجم المصري في اداء مقطع قصير من الاغنية في أجواء حماسية رائقة وفي سهرة وصفها بعضهم بأنها تونسية – عربية بامتياز.
فلسفة المهرجان
و نشير إلى أنه قبل انطلاق السهرة رسميا، تم بث وثائقي تحدث فيه كل من الموسيقيين فتحي زغندة ورشيد يدعس والفنان شكري بوزيان والمطربة سنيا مبارك عن تاريخ المهرجان ،وعن أهمية المبادرة بتأسيس مهرجان للأغنية التونسية ،الذي انتظمت دورته الأولى في شتاء 1987 وفازت آنذاك المطربة سنيا مبارك بالجائزة الكبرى عن اغنيتها “خلي الحزن بعيد عليك” كلمات محمود بن صابر وتلحين رشيد يدعس. وتحدث المتدخلون عن فلسفة المهرجان التي تقوم على خلق فضاء يلتقي فيه الفنانون التونسيون بكل ألوانهم الفنية، وعن أهدافه التي تتمثل بالأساس في العمل تطوير الاغنية التونسية والانفتاح على كل التجارب التي يمكن أن تثري المشهد الفني والموسيقي في تونس.
مبدعون في الذاكرة
ولم تنس هيئة المهرجان الفنانين الذي غادرونا حديثا ومن بينهم الموسيقيين عز الدين العياشي وحمادي بن عثمان ومحمد العود والفنانتين زهيرة سالم وفايزة المحرصي والشاعر عبد المجيد الربيعي، والشاعر والملحن حميدة جراي، فوجهت تحية إلى أرواحهم واستعرضت صورهم وحرص منشطا السهرة على ذكر اسماءهم فردا فردا.
مشاركة خاصة
وللتذكير، فإن مهرجان الاغنية الوطنية ينظم مسابقتين. الأولى في الأغاني الوترية بمشاركة 14 متسابقا، والثانية في الأنماط الجديدة بمشاركة 10 متسابقين. وقد تولت لجنة الفرز المكونة من مبدعين وأساتذة في مختلف اختصاصات المجال الغنائي، انتقاء المشاركين من بين 124 مترشحا، وتتكون لجنة التحكيم من مجموعة من الفنانين والشعراء والملحنين المشهود لهم بالكفاءة ويرأسها الفنان عدنان الشواشي.
وستنطلق سهرات مسابقة المهرجان اليوم الأربعاء 8 مارس 2023 بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، حيث سيكون الموعد مع السهرة الاولى لمسابقة الاغنية الوترية التي تسجل مشاركة خاصة للفنان صابر الرباعي والفنانة يسرى محنوش.
هوامش من سهرة الافتتاح
– نقص واضح في الإضاءة على الركح بسبب اعتماد الخلفية السوداء وراء الفرقة الموسيقية،والتي حجبت رؤية العازفين وعناصر الكورال بوضوح، بسبب القتامة والسواد على الركح..وهو ما يجب تفاديه بتغيير الخلفية السوداء ، بأخرى بيضاء.
– حضر الفنان صابر الرباعي ، والى جانبه الإعلامية المصرية منى الشاذلي، وقد ظهرت إصابة على يده اليمنى، نتمنى له اللطف والسلامة.
– حضور ركحي و تميز في التقديم للمنشطة اميمة العياري، التي منحتها هيئة التنظيم فرصة الظهور.
– غابت صورة الفنانة ذكرى محمد عن الركح، وهو ما لم تتفطن له هيئة التنظيم وكان بالإمكان تركيزها .
– غياب تام للإبهار في سهرة الافتتاح من حيث الإضاءة والديكور، فاختلطت الأشكال الضوئية ( مربع وقوس وخطوط متداخلة بلا معنى ) دون صناعة صورة جميلة من مكونات الركح،وهو ما يجب تفاديه في السهرات القادمة ،خاصة أنها تنقل للمشاهدين مباشرة في تونس وخارجها على عدد من الفضائيات العربية.
– ارتباك واضح على ملكة الشارني وآمنة دمق اللتان وضعتا في مفتتح السهرة وقبل كل الفنانين .