النوري الشعري …. قصّة نجاح
إذاعي يكرّس ثقافة القرب ويبث الأمل…. !
كثير من المستمعين يستريحون في زوايا بعض برامج إذاعة صفاقس التي تجيد بث الدفء في قلوبهم وعقولهم. وكثير من المنتجين يعرفون أنهم استوطنوا قلوب المستمعين لأنهم يستحقون هذه الإذاعة…
والنوري الشعري واحد من الأصدقاء الإذاعيين الذين حفروا اسمهم عميقا ليبقى راسخا لدى الجمهور وهذا مصدر سعادة الجميع …فمنوعة “ويكاند الناس” تصدّرت المراتب الأولى في الاستماع وطنيا في سبر للآراء احتكم في براهينه على الإنصات والإنصاف ” إذ كشف حسّا فنيّا راقيا واستماعا مكثفا لرواد الإذاعة داخل تونس وخارجها وإعدادا ناضجا يحقق أفق انتظار المتلقي”، وهو ما يجعل إذاعة صفاقس في خانة الإذاعة الملتزمة بتقاليد العمل الإذاعي العمومي ومقاييسه وقوانينه. والتقط هذا الاختيار منطق البرنامج في الإعداد الجيد واختيار الأغاني الراقية وتلبية انتظارات الجمهور على الراديو وعلى الانترنت خلال برمجة إذاعة صفاقس على امتداد سنوات. تحدث الحكيم وجدي الشريف مؤخرا، وهو الذي يحضر برنامج مهدي قاسم وخالي سعيد ويوسف الشرفي”خليها على الله” كل يوم سبت ويثريه بالمعرفة والمعلومات والسلوكيات الحضارية، أن النوري الشعري يبث كل يوم أحد في المستمع الموجات الإيجابية.
وأعرف كما يعرف الكثيرين أنه يعمل بهذا النضج، وبهذه الرؤية، منذ خمس سنوات في منوعة الأحد بعناوين مختلفة. فهو يفتح لنا صبيحة كل يوم أحد من الأسبوع أبواب الإذاعة ويقوم بدور باهر في رش السعادة والأمل على المستمعين من العاشرة صباحا الى الواحدة بعد الظهر من خلال لحظات عامرة بالمعاني والأفكار والاستضافات والأغاني والأحداث وكأنه عاشق يتقصى آثار حبيبته ….
الإذاعة: أنا من أهوى ومن أهوى أنا…
النوري الشعري نسجته تجربة إذاعية طويلة منذ سنة 1988 من خلال بوابة إذاعة الشباب التي بعثها المدير محمد عبد الكافي، قبل أن تتحوّل باقتراح منه إلى إذاعة شباب وطنية. وكثيرة هي ذكريات النوري الشعري مع إذاعة صفاقس والبرامج التي مرّ بها : شارع الثقافة، من كل ولاية باقة، بانوراما الجمعة، نوّار عشيّة، مدائن البحر، غنّوا للحياة، وقد تكون مستمدة من ديوان شاعر تونس العظيم أبي القاسم الشابي “أغاني الحياة” ، وياسمين وفل، وحكاية نجاح ، وعلى ورق الورد وهي من أفضل أغاني كارم محمود….ومكّنته هذه البرامج من التميّز بتعدد نشاطاته ومهاراته الإعلامية وتنوعها، كما أسرت هذه الصحبة الدائمة مع إذاعة صفاقس، التي تجاوزت 30 سنة، روحه وكبّلتها بمحبتها، فغدت إذاعة الروح وفاضت في ثنايا الشبكات الإذاعية باختراع أفكار عشرات البرامج القيمة. وإذا تحدّث النوري الشعري في المصدح فبمنطق الإيثار إذ أنّ أناه/ذاته تعني إذاعة صفاقس على الطريقة الصوفية التي عبّر عنها الصوفي الحلاج في قوله (أنا من أهوى ومن أهوى أنا) …
ومنتج برنامج “ويكاند الناس” تجتمع في شخصه خصال الإنسان والمربّي والمسؤول والباحث والمثقف، فهو قريب من الناس وبعيد عن المكائد والضغائن…يحمل صوتا جهوريا وسيرة واسعة الأفق والعطاء في فضاءات المجتمع المدني : فهو كاتب عام (جمعية محمد الجموسي للموسيقى والفنون)، وهو مدير (مهرجان الجموسي للموسيقى المتوسطية) على ما يربو من 7 سنوات ومدير (مهرجان المدينة بصفاقس)6 سنوات بالتمام والكمال، وهذه ليست كنوزه الوحيدة، فهو إضافة إلى ذلك مدير (مهرجان المجموعات الموسيقية)، ومدير (ملتقى التقاليد الموسيقية بالجهات التونسية)…ولا شك تسألون كيف يقتطع من الزمن الوقت الكافي لهذه المهمات؟ وقد يكون الجواب أنّه محبّ للعمل شغوف بالاجتهاد كيف لا وهو لم يتقدم بعيدا في عقده الثالث!
والنوري الشعري مجيد وناجح في مهنته الأصلية أستاذا للغة العربية وآدابها(2005) حائز على الماجستير في الحضارة(2007) وطالب دكتوراه حاليا…
الإعلام، كلمة ذات أفق كبير جدا ….
والحصيلة، بدأ النوري الشعري متمرّنا في التنشيط الإذاعي ويواصل اليوم إعلاميا محترفا و محبوبا ومشهورا. كما بدأ أستاذا في التعليم الثانوي ويستعد في يوم ما لنيل شهادة الدكتوراه، وهكذا تتطور المقامات…هو مثقف ثقافة جادّة وجيّدة له أفضل ما يوصف به المنشط الناجح صوته وأسلوبه ودفؤه وهدوؤه وبديهته وموهبته وخبرته وكفاءته وثقافته… هكذا يراه الكثيرون، يجدون فيه الصدق العذب ويشعرون دائما أنّهم أثيرون لديه.
إنّ العمل الإذاعي ليس بالسهل، ويتطلب الكثير من القدرات والمهارات، وماأكثر الذين يطلقون على أنفسهم لقب إعلامي دون وجه حق لأنّها كلمة ذات أفق كبير جدا. ولا شك أنّ وسامته وأناقته وحديثه وحضوره على ركح المسارح وفي الفعاليات الثقافية لعبت دورا كبيرا في شعبيته.
ولا يفوتني أن أشير – كصحفي ومنتج إذاعي سابق، إلى أنّ العمل الإذاعي جماعي بالدرجة الأولى، فهو بحاجة دائما أن يكون مدعوما لوجستيا من التقنيين والإدارة البرامجية والمنشطيين مما يغذي البرنامج بنبض يواكب الرّاهن وينفتح على شواغل الآخر وهذا ما يمنح برامج النوري الشعري ومنوّعاته تواصلا وحركيّة وآنيّة ونفاذا إلى الأحداث وإلى الناس، وما اختيار منوّعة “ويكاند الناس” في أفضل مراتب الاستماع وطنيا إلاّ تجسيدا لهذه المعاني مجتمعة.
دام نجاحك… يا نوري، ونجاح كل منشّطي إذاعة صفاقس وصحفييها.