البيصارة : أكلة الشتاء
*نحن في صفاقس نسميها (طبيخة) وفي تونس العاصمة وبلاد المغرب يسمّونها (بيصارة)
*هذه أكلة مطلوبة في ليالي الشتاء..فهي تدفئ وعيبها أنّها تتسبب في كثرة الضراط.
* هي أكلة رخيصة الثمن..تتكوّن من فول وفولها صغير كان يجلب من مصر والسودان..ولذلك يسمّونه (الفول المصري)…
*للفول يضاف الثوم، والكمون، وقليل من الزيت ومعجون الطماطم..والماء
* يُوضع الخليط في القدر حتى اذا تحلّل الفول يكون قد استوى للأكل (بيصارة) وهو لا يؤكل إلا مع خبز الشعير…ولكن قد يؤكل كل مع (البشماط)
وخبز الشعير من دقيق الشعير يصنع في البيت يوم أن كانت ربّة البيت تنقّي الشعير وتدفعه للطاحونة لتغربله..وكان الشعير أرخص من القمح لذلك كان خبز الشعير أرخص من خبز القمح…واليوم أصبح خبز الشعير مطلوبا صحيا وأغلى ثمنا
ولأن ذاك الفول وذاك الخبز كانا رخيصي الثمن كانت البيصارة أكلة يأكلها الفقير ويأكلها الغنيّ..فهي لذيذة الطعم، وهي تؤكل دافئة لذلك كانت تدفئ..
وأذكر وأتذكر أنني قضيت ست سنوات طالبا في جامع الزيتونة بالعاصمة، وكنت أسكن مع ثلاثة من الطلبة نطبخ طعامنا في البيت بأيدينا أو من طرف مُعينة..فإذا كانت نفقة الأسبوع قد زادت وخرجت عن ميزانيتها طبخنا البيصارة في الأسبوع القادم مرارا لتعديل الميزانية.
وإذا كانت للبيصارة فوائد اقتصادية ففيها فوائد طبية، فهي تشتمل على الحديد، والفوسفور، وتفيد مرض القلب، وتقوّي مناعة الجسم ضدّ الأمراض..ولكنها تتسبب في كثرة الضراط.
جحا والبيصارة
ممّا رويته في صغري عن المرحومة المعينة المسنة أمّي خديجة خرافات وحكايات ترويها لنا في ليالي الشتاء، منها حكايات جحا..ومن حكاياته أنها قالت :
(خرج جحا عشية الى سوق الغنم فوجد الرعاة حائرين يبحثون عن عشاء ومبيت، فقال لهم، لا حيرة فأنتم وغنمكم ضيوفي الليلة في بيتي..فرح الرعاة وشكروه وساقوا الغنم الى بيت جحا..وبعد أن أدوا صلاة العشاء جاءهم بالعشاء (بيصارة) فأكلوا حتّى شبعوا، وشكروا وحمدوا الله، ولما أرادوا أن يناموا حذّرهم جحا من الضراط وقال لهم : أمّي يُغْمى عليها اذا سمعت الضراط…فطمأنوه وناموا..ولمّا أخذهم النوم جاء جحا بقدر مملوءٍ بيصارة وصب على مؤخرة كل راع شيئا منها..أحس أحدهم بالبلل فتفقّد نفسه وصاح (لقد عملتها) فأفاق. الرعاة وصاحوا صيحة وقالوا : اذا كانت أم جحا يُغمى عليها من الضراط فهي ستموت من هذا وعند ذلك يقتلنا جحا..فهيا اهربوا..وهربوا وتركوا غنمهم لجحا ينعم به ويضحك…
قالوا : نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا فلا نشبع