عبد المجيد البكري: لوحة تستعيد لغة الحرف
تشغل الحروف العربية والمنمنمات والزخارف المرتبطة بعناصر من الثقافة العربية مجمل المسيرة التشكيلية للفنان التونسي عبد المجيد البكري (1942). تجربةٌ يُضيئها معرضه الاستعادي “بعد اثنين وأربعين عاماً” في “دار الثقافة ابن رشيق” في تونس العاصمة، والذي افتتح في الخامس والعشرين من الشهر الماضي ويستمرّ حتى العاشر من جوان الجاري.
تذهب لوحات البكري بالحرف العربي من الخط إلى الرسم، ليطوّع جماليات الحروف ومنحنياتها وامتداداتها وزواياها ونقطها داخل إطار اللوحة، ما يجعل أعماله تنوسُ بين الخط والرسم، خاصّة عندما تظهر الحروف بطريقة غير تقليدية، ما يُضفي عليها مظاهر أكثر حيوية وارتباطاً بالواقع، ويبعدها عن أنها مجرّد استلهام تراثي أو فلكلوري.
تستفيد أعماله الحروفية من عناصر التناسق والتنوع والإيقاع، التي تميز أنماط الفنون العربية والإسلامية، القائمة على الزخارف الهندسية والنباتية وتكراراتها، ويمكن ملاحظة حضور هذه الأساليب في مجمل مراحل مسيرته التشكيلية.
إلّا أن أعماله تعتمد، من ناحية أخرى، على التلاعب بهذه التشكيلات بطريقة تجريدية، ما يخرجها من استخداماتها التزيينية التي عرفها التراث الفني العربي والإسلامي، ويجعلها أكثر حضوراً بوصفها عملاً فنياً معاصراً. كذلك تعتمد أعماله على حضور ألوان دافئة وقوية إلى جانب الألوان الترابية، فيكثّف هذا التناقض قوّة اللوحة، ويساهم في إبراز عناصرها بشكل واضح لعين المتلقي.
بالإضافة إلى ما سبق يقدّم المعرض الاستعادي، مجموعة من أعمال عبد المجيد البكري المنجزة بتقنية الألوان المائية، وفيها عناصر زخرفية ومنمنمات نباتية، إلى جانب أعمال تحضر فيها عناصر أسطورية وميثولوجية وطبيعية تكثّف الدلالات الإنسانية والحضارية.