صدر أخيرا : هل تصبح صفاقس حاضرة متوسطية مستدامة في أفق 2040 ؟
ذاك هو عنوان الكتاب الجديد الذي تم اصداره قبل أيام وهو من وضع الدكتور رياض الحاج طيب الخبير الاقتصادي المعروف بتخصصه في التنمية المحلية والتخطيط الاستراتيجي للمدن.
حول هذا الانجاز التقى الدكتور رضا القلال بمؤلف الكتاب بهدف مزيد التعرف على محتواه. فكان الحوار التالي:
: السؤال
دخلت صفاقس منذ السبعينات من القرن الماضي في مربع التلوث و تبعاته و فقدت المدينة كل شواطئها تقريبا حتى ان هذا الخطر طال شاطئ الشفار آخر العنقود بصفاقس. ما رأيك في هذه المقاربة ؟
الجواب : بالفعل بدأت أعراض التنمية غير المستديمة تظهر في مدينة صفاقس إبتداء من أواخر السبعينات بمنع السباحة بشواطئها القديمة حيث فقدت علاقتها المتميزة بالبحر من جراء تركيز عديد الشركات الصناعية الملوثة حذو السواحل الجنوبية و الشمالية لعل ابرزها مصنع السياب إضافة إلى تدهور عمرانها الذي شهد نموا غير منظم نتيجة إخفاق أمثلة التهيئة العمرانية في تطوير نسيج عمراني متناسق و عدم نجاح مشروع تهيئة صفاقس الجديدة معماريا و عمرانيا إلى جانب تطور منظومة نقل حضري غير مستديم يعتمد على التطور السريع للسيارات الخاصة منها الملوثة للبيئة و غير المقتصدة للطاقة والمكونة للإختناقات المرورية بالمدينة ما أدى إلى تدهور جودة الحياة بصفاقس التي أصبحت المدينة الأكثر تلوثا في البلاد.
: السؤال
في بداية القرن الحادي و العشرين تحركت بعض الجهات و لا سيما البلدية لرفع شعار التنمية المستديمة إعتمادا على التفكير الإستراتيجي و لكن لا إستراتيجية صفاقس 2016 ولا إستراتيجية 2030 أثمرتا نتيجة ايجابية لتطور المدينة. كيف تفسر ذلك ؟
الجواب : تميز فجر القرن الواحد و العشرين بظهور رغبة محلية في تغيير الوضع المتدهور بمدينة صفاقس و ذلك بإعداد إستراتيجية تنمية مستدامة لصفاقس الكبرى لأفق 2016 من طرف مسؤولي بلدية صفاقس بالتعاون مع الست بلديات المجاورة والتي مكنت من إنجاز تشخيص للوضع المتدهور السائد و بلورة رؤية مستقبلية وإعداد مخطط عمل ضم 15 مشروعا مهيكلا لدفع التنمية المحلية و مصالحة المدينة مع سواحلها. و لكن النجاح الباهر الذي تحقق في إعداد الإستراتيجية لم تواكبه إرادة سياسية لتجسيم المشاريع على ارض الواقع حيث أن الوزارات القطاعية لم تول صفاقس المكانة اللازمة في سلم أولوياتها رغم وضوح الرؤيا وجدوى المشاريع المقترحة. أما بالنسبة لإستراتيجية تنمية جهة صفاقس 2030 التي تم إعدادها بعد الثورة خلال سنتي 2015 و 2016 فقد واجهت إشكاليات عدم الإستقرار السياسي (10 حكومات في 10 سنوات) الذي أعاق تجسيمها بالسرعة و النجاعة المطلوبة. كما أن التراجع الإقتصادي الذي شهدته البلاد خلال العشرية الأخيرة وقلة الإمكانيات المالية للدولة لم يمكنا من تحقيق عديد المشاريع المبرمجة.
السؤال :
كيف تفسر إعادة طرح إشكالية التنمية المستدامة لصفاقس إذا كانت خلفية ونتائج الإستراتيجيات السابقة لم يحالفها النجاح وكيف نأمل حتى بمجرد السؤال في أن تتحول صفاقس إلى متروبول متوسطي مستديم في أفق 2040 ؟
الجواب : عنونة الكتاب في شكل سؤال ” هل تصبح صفاقس حاضرة متوسطية مستدامة في أفق 2040″ هو بالأساس استفزازي ومحفز للفكر وهو مناسب تمامًا للتفكير الإستشرافي للتنمية المحلية حيث يتعين إستخلاص الدروس من التجارب السابقة والعمل على توفير الظروف الملائمة للإرتقاء بصفاقس الى مستوى المدن المتوسطية المتطورة. ويبقى تجسيم هذه الرؤية الإستشرافية رهين سرعة إنجاز الإصلاحات اللازمة وتوفير الإستقرار السياسي للبلاد لتعود عجلة التنمية للدوران على المستوى الوطني و المحلي إلى جانب تعزيز اللامركزية و تكريس الحكم المحلي و دعم المجتمع المدني كقوة ضغط لتحسين جودة الحياة في المستقبل .
إن انتقال صفاقس من الوضع الحالي المتميز بالتنمية غير المستدامة المكلفة وغير الفعالة إلى حاضرة متوسطية ذات تنمية مستدامة في المستقبل ممكن بفضل تنفيذ خططها الاستراتيجية التنموية حيث تتمتع صفاقس بكل الإمكانيات لتصبح في العقود القادمة نموذجًا جيدًا للتنمية الشاملة والمستدامة لمدن تونسية وإفريقية و متوسطية .
مؤلف الكتاب الدكتور رياض الحاج طيب خبير اقتصادي / مخطط مدن. اكتسب خبرة كبيرة في التخطيط خلال فترة عمله في وزارة التنمية والتعاون الدولي حيث شغل منصب مدير تخطيط المدن والتنمية المحلية. وهو مدير عام ببلدية صفاقس المسؤول عن المصالح الفنية ثم المشاريع العمرانية الكبرى متخصص في التنمية المحلية والتخطيط الاستراتيجي.