شعر / يُتْـمُ الحَدِيقَة لأمين دمق
يُتْـمُ الحَدِيقَة
البِلاَدُ اصْطَفَتْتِي سَفِيرًا لِأَحْزَانِهَا
وَالقَوَافِي اسْتَسَاغَتْ دَمِي خَمْرَةً
حِينَ أَسْرَيْتُ مِنْ حَانِهَا
كَنْتُ مِنْ آخِرِ الأَنْبِيَاءِ الذِينَ قَضَوْا
فِي اكْتِلاَءِ الرُؤَى
كُنْتُ أَرْعَى المَجَازَ بِصَحْرَائِهَا
لَمْ يَكُنْ لِي عَصَا كَيْ أَهُشَّ عَلَى حَيْرَتِي
… غَنَمِي ضَلَّ دَرْبِي
فَلاَ جُلْجُلٌ يُنْبِئُ البَدْوَ عَنْ لُغَتِي
وَالوَصَايَا وَأَلْوَاحُهَا كُسِّرَتْ حِينَ ..
أَلْقَيْتُهَا جَفَّ ضَرْعُ النَشِيدْ
****************
الغُمُوضُ اسْتَبَدَّ بِهَذَا القَصِيدْ
فَأَنَا فَاشِلٌ فِي الوَدَاعِ وَتَكْرِيمِ صَحْبِي
الذِينَ طَغَوْا فِي الفُؤَادْ
كَانَ لاَ بُدَّ لِي مِنْ قِنَاعٍ لِكَيْ
أَحْتَمِي مِنْ دُمُوعِي
وَكَيْ أَسْتَفِزَّ المِدَادْ
بُلْبُلٌ أَدْمَنَتْنِي الرَزَايَا ..
لَقَدْ خُنْنْتَنِي يَا صَدِيقِي ..
أَرَاكَ اسْتَطَبْتَ بُكَايَ
إِذَنْ دُلَّنِي كَيْ أُصَدِّقَ
أَنَّا هَرِمْنَا وَصَارَ الفِرَاقُ حَلِيفَ الرِفَاقِ
الذِينَ أُحِيلُوا عَلَى شَرَفِ المِهْنَةِ القَاتِلَهْ
****************
البَنَاتُ كَبُرْنَ وَشَيْبِي
ارْتَقَى فِكْرَتِي وَالمِزَاجُ عَلَى قَلَقٍ مُزْمِنٍ مِنْ أَنَايَ
وَمِنْ صَفْعَةِ الأَسْئِلَهْ
مَنْ سِوَاكَ يُقَوِّمُ مَا اعْوَجَّ فِيَّ
إِذَا عَادَنِي غَضَبِي ..
وَاسْتَبَدَّتْ بِيَ الرِيحُ وَالمَرْحَلَهْ
مَكْرَمٌ ظَلَّ مِلْحَ الإِدَارَةِ .. ضِحْكَتُهَا
كَمْ تَنَاسَى بِأَنْ يُطْفِئَ النُورَ أَوْ يُغْلِقَ البَابَ بِالسِلْسِلَهْ
لَمْ تُجِبْ سَامِيَهْ عَنْ هَوَاتِفِنَا أَوْ صِيَاحَاتِنَا المُرْسَلَهْ
وَفُؤَادُ احْتَمَى بِالأَغَانِي التِي أَرْهَقَتْ ذَوْقَنَا
ظَلَّ يَحْبُو إِلَى فَنِّهِ صَاغِرًا .. كَالمُرِيدِ الذِي ذَابَ فِي البَسْمَلَهْ
بُلْبُلٌ كَانَ خَيْمَتَنَا .. نَسْتَظِلُّ بِهَا
كَيْ نَفِرَّ مِنَ الجَدَلِ المَذْهَبِيِّ
وَمِنْ بَاعَةِ الوَهْمِ وَالدَّجَلِ العَاطِفِيِّ
وَمِنْ غُرْبَةِ المَنْزِلَهْ
****************
مَكْتَبُ الضَبْطِ يَبْكِي
عَلَى رَجُلٍ هَيَّأَ العُمْرَ أُرْجُوحَةً للصِّحَابْ
وَالإِدَارَةُ ثَكْلَى .. فَبُلْبُلُهَا
قَرَّرَ الانْسِحَابْ
وَالحَدِيقَةُ يَتَّمْتَ خُضْرَتَهَا
مَنْ سَيَسْقِي شُجَيْرَاتِهَا
لَمْ يَعُدْ عَرَقُ النُبْلِ يَرْوِي نِدَاءَاتِهَا
لَمْ يَعُدْ مَوْسِمُ الخِصْبِ يَحْنُو عَلَى ذَاتِهَا
وَالنَتِيجَةُ يُتْمٌ تَسَلَّقَ أَعْشَابَهَا وَاعْتِلاَلُ الثَرَى
حِينَ فَارَقْتَنَا وَانْتَخَبْتَ الغِيَابْ.
*****
الإهداء : إلى حبيبي ورفيق دربي ” أبو البلابل” نبيل بن عمر بمناسبة إحالته على شرف المهنة راجيا من الله أن يرزقه السعادة وطول العمر.