شذرات من تاريخ الأغنية الجهوية بصفاقس ومميزاتها وسبل النهوض بها محور لقاء شيق مع الموسيقار الكبير الأستاذ علي الحشيشة
نظمت جمعية الفنانين بصفاقس يوم الأحد 27 نوفمبر 2022 بمقرها لقاء حول الحياة الموسيقية بصفاقس مع عميد الفنانين الأستاذ علي الحشيشة ، والأستاذ الكبير محمّد كمّون بحضور عدد من الفنانين والجامعيين ,تخلّلته وصلات موسيقية رائعة
الاقتصادية أجرت بالمناسبة حوارا مع الموسيقار الكبير علي الحشيشة وسألته عن مميزات الأغنية الجهوية بصفاقس وتاريخها وسبل النهوض بها
أكد ضيفنا أن الأغنية الجهوية بصفاقس عاشت في كل الفترات علاقات تأثير وتأثر مع محيطها حيث كانت تربط المدينة علاقات اقتصادية واجتماعية متعددة الأوجه على غرار دول الشرق كسوريا والجارة ليبيا ومصر واستقطبت المدينة عددا من العائلات القادمة من مصر ,مارس أفرادها تجارة زيت الزيتون منذ القرن 18ميلادي فضلا عن العدد الكبير للعائلات الليبية التي أصبحت تونسية بامتياز على غرار دريرة وجبير والزواري والطرابلسي والغرياني
وبين أن تاريخ صفاقس الموسيقي متجذر وذي صيت كبير بفضل قاماته المبدعة على غرار محمد النابلي الذي يعد من أول عازفي آلة القانون في الرشدية منذ الأربعينات وأول قائد لطاقم الجيش التونسي فضلا عن إنتاجه الموسيقي الغزير والهام
كما كانت صفاقس تحتضن منذ الأربعينات العديد من الفرق الموسيقية تضاهي في عددها وقيمتها نظيراتها في العاصمة وقد أشعت بإنتاجها في كافة أرجاء الوطن وخارجه كليبيا والجزائر وغيرها على غرار فرقة النادي العصري للموسيقى والتمثيل التي عزز أغلب عناصرها فرقة الاذاعة الجهوية بصفاقس عند تأسيسها
فضلا عن مجهودات اللجان الثقافية التي تكونت في صفاقس منذ سنة 1962 ونظمت العديد من التظاهرات على غرار المهرجان الجهوي للموسيقى الذي وجد إقبالا منقطع النظير
وفرقة تخت التراث الموسيقي التي كونها وأشرف عليها والتي برزت بانتاجها الموسيقي وبشكلها المتميز والفريد من نوعه في العالم العربي باعتماد آلات رباب مستنبطة ومبتكرة والتي نالت الاستحسان وتوجت في عديد التظاهرات على غرار مهرجان الموسيقى الشعبية بأسيوط المصرية وفي كل المدن العربية والعالمية
وبخصوص مستقبل الانتاج الموسيقي في صفاقس وسبل ابرازه وتطويره أفاد ضيفنا بأن روح التطوع التي كانت تحدو الجميع سابقا تلاشت واندثرت وأصبحت المادة سائدة وزاد غياب الدعم أو توجيهه لغير مستحقيه الطين بلة
وبين في ذات السياق أن بلدية صفاقس تبنت في فترة ما فرقة النادي البلدي للموسقى والفن المتكون في أغلبه من الأجانب وأن مثل هذه المبادرات من شأنها أن تعيد الأغنية الجهوية بصفاقس الى سابق إشعاعها وتميزها
لمحة عن مسيرة ضيفنا الموسيقار علي الحشيشة
ضيفنا الموسيقار الكبير علي الحشيشة مبدع في المجال الموسيقي والثقافي عموما منذ الخمسينات والستينات حين تولى الادارة الفنية لنادي الفنون والامتاع وعمادة الشباب بمدينة صفاقس والاشراف على قسم الفنون بجمعية الهلال التمثيلي وإدارة النادي العصري للموسيقى والتمثيل
كما أسس الموسيقار علي الحشيشة وأدار نادي الفنانين ومعهد الموسيقى بصفاقس وقد تخرجت من مدرسته الفنية جل الاطارات الموسيقية في الجهة وخارجها وتراس سي علي لجنة الموسيقى التابعة للجنة الثقافية الجهوية و جمعية النادي العصري وفرحات حشاد والجمعية التونسية للتربية الموسيقية
واسس وبعث مبدعنا العديد من الفرق الموسيقية منها تخت التراث الموسيقي وهو من أبرز أعضاء أسرة مجلة القلم وجمعية حقوق المؤلفين والملحنين وهو منتج بالإذاعة من تاريخ تأسيسها وقد لحن لجل المطربين على غرار قاسم كافي وصفوة ومحمد العش وأنور السميري وحمادي العايدي ومن ألحانه العديدة “يا طائر في الجو العالي ” ويا معطر يا فل ” و ” يا ورد ” وهذب عديد الأغاني الشعبية التي بقيت في الذاكرة
وعلى الصعيد العربي تولى الموسيقار علي الحشيشة عضوية المجلس التنفيذي للمجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية وترأس لجان التراث الموسيقي والتربية والثقافة الموسيقية والفنون الشعبية بالمجمع العربي للموسيقى وشارك ومثل تونس في عديد المؤتمرات الدولية على غرار مؤتمرات التربية الموسيقية بفرنسا وكندا وسويسرا والمهرجان العربي للأغنية القومية والفلسطينية ومهرجان الموسيقى العربية بدار الاوبرا بالقاهرة وحقق في كل هذه المشاركات نجاحا باهرا وساهم في التعريف بالأغنية التونسية في أجمل مظاهرها الأصيلة والراقية
وألف سي علي عديد الكتب منها ما صدرت بصفة فردية أو جماعية على غرار أصول الموسيقى الجزء الثالث مع الدكتور صالح المهدي كما تحصل على جائزة بلدية صفاقس للتأليف والإبداع لسنة 1995 عن كتابه ” السماع عند الصوفية والحياة الموسيقية يصفاقس في القرنين التاسع عشر والعشرين ” وكتب العديد من الدراسات والبحوث الموسيقية المنشورة بمجلات وطنية ودولية
هذا غيض من فيض من مسيرة الموسيقار علي الحشيشة التي وجدت كل التقدير وطنيا وعربيا ودوليا بما جعله يتحصل على عدة أوسمة منها الوسام القومي للاستحقاق التربوي وأكثر من مائة شهادة تقدير على غرار على غرار تلك الصادرة عن المؤتمر الثالث عشر بدمشق لجامعة الدول العربية , المجمع العربي للموسيقى اعترافا بجليل الأعمال التي قدمها صلب لجانه