جديد صفاقس : انشاء أكاديمية للمالوف
تم يوم الأحد 6 ديسمبر 2020 خلال ندوة صحفية حضرها والي صفاقس أنيس الوسلاتي ,الاعلان عن تأسيس أكاديمية المالوف بصفاقس موجهة للاطفال ببادرة من جمعية مهرجان الأصيل للموسيقى المغاربية وبالتعاون مع المعهد العالى للموسيقى والمعهد العمومي للموسيقى بصفاقس ونادي الأصيل .
واكدت رئيسة جمعية مهرجان الأصيل للموسيقى المغاربية، وفاء الزحاف حلال كلمتها الافتتاحية أن هذا المولود الثقافي الجديد سيكون موجها أساسا للاطفال من اجل ترسيخ الهوية الموسيقية التونسية لديهم
وبينت، الزحاف، أن جمعية مهرجان الأصيل للموسيقى المغاربية اختارت ثلة من الأساتذة المختصين في الموسيقى وتحديدا في المالوف وإطار بيداغوجي وعلمي يضم ابرز الأسماء الفنية في جهة صفاقس للاشراف على الأكاديمية
وأكدت أن الدروس في الأكاديمية ستكون موجهة وبالتوازي مع الأطفال الى للطلبة والكهول أيضا ليتم مدهم في نهاية التكوين بشهادة علمية معتمدة كما سيتم صلب الأكاديمية بعث بوابة رقمية لحفظ هذا التراث الموسيقي واحداث جائزة سنوية لأفضل إنتاج فني موسيقي تونسي.
من جهته، اعتبر المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بصفاقس مهذب القرفي، ان أكاديمية المالوف الأولى من نوعها في صفاقس تمثل مكسبا هاما للجهة من الواجب دعمه
واعتبرالدكتور لسعد الزواري، أن الاستثمار في الموسيقى والثقافة عامة يعتبر اللقاح الافضل لكل الأوبئة وأعلن ان المعهد العالى للموسيقى بصفاقس سيبعث قريبا دكتوراه للمالوف المغاربي
من جانبه أفاد مدير الاكاديمية الدكتور وجدي عليلة الباحث والموسيقي المختص في روايات المالوف التونسي من خلال تصريح خص به شمس الجنوب أن أكاديمية المالوف تمثل مشروعا ثقافيا فنيا طموحا يقوم أساسا على تعليم الاطفال قواعد واصول الموسيقى التونسية من خلال تحفيظ المالوف التونسي.
وبين أن الهاجس الاكبر الذي راود الهيئة المديرة والممثلة في شخص رئيسة الجمعية السيدة وفاء الفخفاخ الزحاف هو كيف يمكن ان نرغب ونقرب موسيقى المالوف الى الأطفال والشباب في عصرنا الراهن؟
وقال ” لقد كانت الهيئة المديرة للجمعية على يقين بأن المهمة ستكون صعبة وان نجاحها لن يكون الا باعتماد منهجية تنفيذية تقوم أسسها على قاعدة ومبدأ العمل التشاركي، اذ حرصت في هذا الصدد على تشريك أطراف تعتبر أعمدة هذا الانجاز الثقافي الفنية وهم على التوالي: نادي الاصيل للموسيقى العربية والمعهد العالي للموسيقى بصفاقس والمعهد العمومي للموسيقى والرقص بصفاقس. “
وبين ان تأسيس الاكاديمية لم يكن ليتحقق لولا دعم سلط الاشراف ممثلة في ولاية صفاقس وبلدية صفاقس والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ولولا دعم ومساهمات مؤسسات اقتصادية آمنت جميعها بهذا المشروع الثقافي الفني وأحقية تواجده في المشهد الثقافي بجهة صفاقس.
المالوف بصفاقس: رواية من الذاكرة الحيّة ذات خصوصيّة
أفاد مدير الأكاديمية الدكتور عليلة بأن الحياة الموسيقيّة في صفاقس تشتمل على عدّة أشكال وأنماط مختلفة تعكس ثراء تاريخيّا وثقافيّا وفنيّا للجهة، ولأنّ صفاقس ومن خلال تاريخها وموقعها الجغرافي شكّلت عامل جذب على مرّ العصور، فقد تجذّرت بها أنواع شتّى من الأنماط الموسيقيّة منها ماهو أصيل ومنها ماهو وافد، واستطاعت أن تعبّر أصدق تعبير عن أحاسيس ومشاعر المجتمع.
وبين أن فنّ المالوف يعد من بين أبرز الأنماط الغنائية المتوارثة من جيل لآخر مشافهة والذي حافظ في تداوله على بعض من خصائصه الشعرية والموسيقية وحتّى على مستوى التنفيذ فمثّل بذلك خير رصيد موسيقي يعبّر عن ذاكرة حيّة ناقلة لخصائص ومميّزات فنيّة تفرّدت بها جهة صفاقس ليكون لها رواية خاصّة بها في المالوف التونسي تختلف عن الرواية الرسمية (رواية الأسفارالتونسية/رواية الرشيدية) ورواية تستور ورواية بنزرت ورواية قليبية وغيرها من الروايات المتواجدة بالمناطق الحاضنة لهذا الموروث الفنّي بالبلاد التونسية.
وقال تعتبر مدينة صفاقس من بين أبرز المدن التونسيّة التي لها تاريخ عريق في فن المالوف، ذلك أنّ هذه المدينة قد اشتهرت، ومنذ تاريخ قديم، باحتضانها لعديد الأعلام الموسيقيّة التي كان لها الفضل في حفظ وتحفيظ المالوف لدى أجيال متعاقبة.
وأكد أن “مالوف الجِدّ” في صفاقس هو ذلك الرصيد الغنائي الذي اقتصر أداؤه في مجالس الإنشاد الصوفي ومن أبرزها مجالس سيدي أبي الحسن الكرّاي التي كانت تضمّ مجموعة من المنشدين المردّدة للعديد من الموشّحات والأزجال والنوبات الملحّنة على نفس أسلوب نوبات المالوف التونسي، إلاّ أنّ الاختلاف يكمن بالأساس في غياب الأقسام الآليّة في النوبة وهي “الإستفتاح” و”المصدّر” و”التوشيّة” وهو أمر طبيعي على اعتبار أنّ “نوبات الجْدِّ” تُنشد بمصاحبة آلات إيقاعيّة فقط.
وقال محدثنا أن مالوف “الهزل” هو ذلك المالوف الذي يتّخذ من رصيده الغنائيّ أغراضا شعريّة مختلفة تشمل الغزل والخمر وما إلى ذلك من الأغراض المرتبطة بكلّ ماهو دنيوي. ومالوف “الهَزْلِ” في صفاقس هو مالوف متفرّد ومميّز من حيث مضمونه الأدبيّ والموسيقيّ وحتّى على مستوى آدائه، حيث أنّ هذا النمط الغنائي ارتبط بالعديد من الأعلام الموسيقيّة أصيلي المنطقة والذين كان لهم دور كبير في نشر وتحفيظ ما يكنزونه من رصيد غنائيّ أثروا به التراث الموسيقي التونسي بشكل عام.
وبين أن من أبرز المشايخ الذين تداولوا على فن “مالوف الهزل” بصفاقس، وقد أتى على التعريف بهم الأستاذ علي الحشيشة في كتابه السّماع عند الصوفيّة والحياة الموسيقيّة بصفاقس في القرنين التاسع عشر والعشرين، نذكر الشيخ محمد اللوز والشيخ سعيد بالأطرش والشيخ سعيد الزواري والشيخ محمد بركيّة والشيخ محمد بوديّة، ومّما لا شكّ أنّ كلّ هؤلاء المشايخ كان ولا يزال لهم الفضل في الحفاظ على “مالوف الهزل” بصفاقس، حتّى أنّنا صرنا اليوم نتحدّث عن رواية مالوف تختّص بها هذه الجهة عن باقي الجهات التونسية الحاضنة لفن المالوف، وهي رواية سُجّلت في الخزينة الصوتيّة لإذاعة صفاقس فكانت مرجعا لعديد من موسيقيّي الجهة لينهلوا منها ومنطلقا لمشاريعهم العلميّة والفنيّة على حدّ السواء.