تحية الى روح الموسيقار محمد الجموسي في ذكرى وفاته
- احياء للذكرى وفاة أحد أعلام تونس وقامات الفن والثقافة العربية والمتوسطية محمد الجموسي المولود بمدينة صفاقس يوم 12 جويلية 1910 والذي وافاه الأجل المحتوم بها يوم 3 جانفي 1982, ارتأينا أن نذكر بمسيرته الثرية وابداعه و فنه الخالد
يصعب تصنيف الفنان محمد الجموسي في خانة فنية واحدة نظرا لتعدّد مواهبه الفطرية منذ نعومة أظفاره ومرحلة شبابه وحين كان تلميذا في المعهد الفني “أميل لوبي” فكان ذلك الشاعر الذي أصدر ديوانه بعنوان “الليل والنهار” ثم ديوان “الفجر” وديوان”الشّاعر والوردة” بالفرنسية.
وإلى جانب مواهبه في الشعر كان الجموسي عازفا ماهرا ومطربا وملحنا ,أبدع عدة ألحان متميزة، كما برز نجما في مجالي المسرح والسينما فضلا عن إبداعه في مجال التنشيط الإذاعي ثم التلفزي.
وكان محمد الجموسي يتقن عدة لغات اضافة الى لغته الأم ,العربية واللغة التي تعلمها في المعهد ,الفرنسية بحذقه الكلام بالإيطالية والإنجليزية وقد أبرز مقدرته في هذا المجال من خلال مشاركته قي بعض الأفلام الأجنبية مثل “طبيب بالعافية” المأخوذ عن رواية موليار والفيلم الهندي المنجز في إيطاليا والانجليزي “دار الراعي” وفيلم “فارس البيت الأحمر”، فضلا عن فيلم “جحا” الذي مثل فيه دور البطولة الممثّل المصري العالمي عمر الشّريف
– وللجموسي مشاركة مهمّة في السينما المصرية.كممثل ومطرب على غرار شريط “ناهد” سنة 1959 مع يوسف وهبي وشريط “ظلمت روحي” سنة 1952 مع شادية وفريد شوقي ووداد حمدي وشريط “بنت المولد” مع فاتن حمامة والراقصة تحية كاريوكا.
وكانت للجموسي مرورا هاما بدار الأوبرا الجزائرية في الفترة من 1948 إلى 1951 حيث تسلم إدارتها الفنية
أاذا تأملنا في انتاج الجموسي الموسيقي سواء في اغانيه او ما قدمه في شكل اوبيرات لاحظنا ان كلماته متعددة الاغراض الغزل( اصل الزين في العينين كمثال و غيرها كثير مثل اوربيريت العيون زرقة يا عوينة وغيرها
ان حسه الوطني الفياض يتجلى في امثلة عديدة من انتاجه كريحة البلاد وهبي يا نسمة بلادي
كما غنى عن قيمة العمل المفقودة في يومنا الحاضر(مهما كانت صنعة ايدك يا خويا الخدام) وبر الوالدين( يطول عمرك…)
يضاف الى ذلك الروح المرحة التي كان يتمتع بها اذ كان همه الوحيد اسعاد الناس من حوله و اضفاء البسمة على محياهم فقد كان رحمه الله صاحب نكتة و يتجلى ذلك في بعض الاغاني الفكاهية التي كان يزود بها المرحوم المطرب محمد الجراري( الهريسة تحرق , الكريطة , زردة زردة بالكسكوس…)
هذا وقد كانت الكاتبة والإعلامية الكبيرة السيدة القايد قد أكدت بمناسبة اصدار مؤلفها مذكرات الفنان محمد الجموسي بين الشفوي والمخطوط وإجابة عن سؤال حول علاقة الجموسي بوطنه تونس ومسقط رأسه صفاقس ان الجموسي كان يحب صفاقس وكل ربوع وطنه تونس وقد تفاعل مع الأحداث الهامة التي شهدتها البلاد دون أي شخصنة وتمجيد للأفراد رغم ما كان يجده من حظوة واحترام كبيرين من طرف الزعيم الحبيب بورقيبة
وأبرزت أن الجموسي تغنى بالوطن و“ ريحة البلاد ” وعند الاعلان عن الاستقلال الداخلي لتونس جادت قريحته بأغنية ”الله معانا ” الرائعة التي كانت بمثابة الدعوة للتونسيين للمضي في بناء أركان وطنهم وتحقيق ازدهاره بقوله
هات ايدك فيدي نبني بلادنا ونفيد
هات ايدك فيدي يقرب لنا كل بعيد …
حجرة على حجرة نشيد أجمل قصور
وبلادنا الحرة يضويها مصباح النور