افتتاح الدورة 21 لمهرجان الأغنية التونسية: تكريم خاص لروح الفنانة ذكرى محمد
لألأت أنوار مهرجان الأغنية التونسية من جديد، مساء امس الثلاثاء في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة، حيث تزيّن البهو الرئيسي بالسجاد الأحمر وصولا إلى مسرح الأوبرا، مستقبلا كوكبة من نجوم الأغنية التونسية والعربية الذين تابعوا أمس عودة هذا المهرجان العريق الذي أسسه الفنان فتحي زغندة سنة 1987 .
وحضر هذا الحفل الافتتاحي وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي التي أعطت إشارة افتتاح الدورة الحادية والعشرين من مهرجان الأغنية التونسية بمسرح الأوبرا، حيث اكتسى حلّة ضوئية وبصرية تعبّر عن الحب والحياة والجمال في رمزية لشعار الدورة « الدنيا غناية » التي تتواصل إلى يوم 12 مارس الحالي.
ولأنها كانت خير سفير للأغنية التونسية في العالم العربي، مخلفة أثرا غنائيا متألفا من 16 ألبوما موسيقيا تميّزت خلاله بأداء روائعها بمختلف اللهجات العربية كالمصرية والليبيّة، الى جانب التونسية، كانت الفنانة ذكرى محمد (1966 – 2003) الغائبة الحاضرة على ركح مسرح الأوبرا ونجمة سهرة الافتتاح بامتياز حيث اختارت الهيئة المديرة للمهرجان إفرادها بتكريم خاص دعت إليه ثلّة من النجوم من تونس ومن العالم العربي على غرار الملحن المصري صلاح الشرنوبي والفنان هاني شاكر والفنان الليبي الشاب جيلاني وابن موطنه الفنان خالد الزواوي والفنانيْن اللبنانييْن سعد رمضان ونيكولا سعادة نخلة، إلى جانب ثلة من ألمع نجوم الأغنية التونسية على غرار صابر الرباعي ويسرى محنوش ومحمد الجبالي ونوال غشام وألفة بن رمضان.
13 فنانا على الركح تكريما لذكرى
واعتلى الركح 13 فنانا تونسيا وعربيا تواليا، فأدوا أمام جمهور غفير روائع الفنانة الفقيدة ذكرى، في سهرة استمرّت لثلاث ساعات. وقد تناوب على الغناء بمصاحبة موسيقية للفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة المايسترو يوسف بلهاني، كلّ من الفنانين آمنة دمق التي غنت « إلى حضن أمي » وملكة الشارني « موش كل حب » وصفاء سعد « وحياتي عندك » التي غنّاها أيضا الملحن المصري صلاح الشرنوبي. وأدّى غازي العيادي « أنا زي زمان » وغنّت نوال غشام « وصلني جوابك » وردّدت ألفة بن رمضان أغنية « كل الي لاموني »، وغنّى لها محمد الجبالي « يوم ليك » وآية دغنوج « الله غالب ». ومن الفنانين العرب الذين اعتلوا المسرح، استمع الجمهور لأصوات الليبييْن الشاب جيلاني وخالد الزواوي، وغنّى محمد الحلو « ليالي الحلمية » وأطرب هاني شاكر الجمهور بأغنيته « يا ريتني »، ثم قدمت يسرى محنوش الأغنية الشهيرة « الأسامي ».
وألقت وزيرة الشؤون الثقافية في بداية السهرة كلمة بالمناسبة أكدت فيها على عراقة مهرجان الأغنية التونسية، قائلة إن الوزارة تسعى إلى تطويره والارتقاء بمضامينه من الجمع بين العراقة والتجديد مع المحافظة على رقي الذائقة الفنية. وتحدّثت أيضا عن مكانة المهرجان ودوره في تحفيز صناع الأغنية من شعراء وملحنين ومطربين على مزيد البذل والعطاء وتقديم أرقى منجزاتهم كلمة ولحنا وغناءً.
من جانبه، أفاد رئيس لجنة تنظيم الدورة 21 لمهرجان الأغنية التونسية محمد الهادي الجويني، أن هذه الدورة التي تقام تحت شعار « الدنيا غناية » أُريدَ لها أن تكون مناسبة للمّ الشمل وتواصل الأجيال الثلاثة دون أي إقصاء، وكذلك لتكون دورة الحنين لطبوع الأغنية التونسية الأصيلة من خلال تكريم أعلامها ومؤسسيها من الجيل الأول والأجيال الموالية.
وتولّت الوزيرة تكريم الفنان الموسيقي والملحن عبد الرحمان العيادي، وكذلك الملحن المصري صلاح الشرنوبي والموزع المصري هاني عبد الكريم والإعلامية المصرية منى الشاذلي التي تحدّثت في كلمة مقتضبة عن الفقيدة ذكرى محمد وصوتها المميّز وأغانيها الخالدة وحضورها الركحي القويّ.
مهرجان الأغنية: ذاكرة لن تُمحى
وكانت السهرة الغنائية التي نشطها كل من الإعلاميين حاتم بن عمارة وأميمة العياري، قد سبقها عرض شريط وثائقي يتضمن شهادات عدد من الفنانين والموسيقيين حول تأسيس المهرجان سنة 1987 وتنظيم دوراته الأولى، كما تمّ عرض شريط فيديو عن الفنانة ذكرى محمد ومسيرتها الحافلة بالغناء والعطاء.
وكان الجمهور قد واكب معرضا تم تركيزه في البهو الرئيسي لمدينة الثقافة، يوثّق لتاريخ المهرجان منذ تأسيسه سنة 1987 حتى سنة 2008 ويوثّق عودته في الدورة العشرين سنة 2021 بعد انقطاع دام أكثر من 12 عاما.
ويحتوي المعرض على صور بالإضافة الى مقاطع فيديو خاصّ بتاريخ المهرجان تم عرضها على شاشات رقمية متطوّرة متاحة للعموم في فضاء معرض الصور طيلة أياّم المهرجان.
24 عملا في المسابقة و100 ألف دينار للمتوجين
وتمّ انتقاء 24 عملا موسيقيا من ضمن 124 عملا وردت على إدارة المهرجان خلال هذه الدورة. وتم توزيعها إلى 14 عملا في مسابقة « الأغنية الوترية » و10 أعمال في مسابقة « الأنماط الجديدة.
وتتكوّن لجنة تحكيم المسابقة من 7 أعضاء هم عدنان الشواشي (مغني وملحن) والطاهر القيزاني (ملحن) وأسامة فرحات (ملحن) ومقداد السهيلي (مغني وملحن) وعلياء بلعيد (مغنية) والجليدي العويني (شاعر) ونبيل عبد مولاه (عازف وملحن).
ورصدت إدارة المهرجان للأعمال الفائزة مبلغا ماليا إجماليا قيمته 100 ألف دينار، حيث سيتم تتويج ثلاثة أعمال في مسابقة الأغنية الوترية هي « جائزة المايكروفون الذهبي » (30 ألف دينار) و »المايكروفون الفضي » (20 ألف دينار) و »المايكروفون البرونزي » (15 ألف دينار).
أما المشاركون في مسابقة « الأنماط الجديدة »، فيتنافسون على جائزتيْن هما « المايكروفون الذهبي » (20 ألف دينار) و »المايكروفون الفضي » (15 ألف دينار).
كما رصدت المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ثلاث جوائز هي « أفضل مؤدي شاب » و »أفضل ملحن شاب » و »أفضل شاعر شاب »، فضلا عن رصد اتحاد إذاعات الدول العربية جائزة خاصة، إلى جانب جائزة الجمهور (سيتم تركيز لوحتيْن رقميتيْن أمام قاعة الأوبرا حتى يتسنى للجمهور بعد كل حفلة التصويت للمتسابقين، وسيكون التصويت متاحا كذلك عبر الصفحة الرسمية للمهرجان على الفايسبوك وكذلك على موقع واب المهرجان).
مهرجان الأغنية يزور السجون
وأعدت الهيئة المديرة لمهرجان الأغنية التونسية في دورته 21، برمجة موازية تتمثل في تنظيم ثلاثة عروض بالتنسيق مع إدارة الموسيقى والرقص بوزارة الشؤون الثقافية والهيئة العامة للسجون والإصلاح. وتهدف هذه البرمجة الموازية إلى تكريس مبدأ الحق في الثقافة للجميع وإتاحة المنتوج الثقافي لكافة فئات المجتمع. وسيحتضن سجن النساء بمنوبة عرض الفنانة مريم نور الدين اليوم الأربعاء 8 مارس (اليوم العالمي للمرأة). ويزور المهرجان يوم الجمعة 10 مارس السجن المدني بأوذنة بعرض الفنان سفيان سفطة، ليكون الموعد يوم 11 مارس مع عرض الفنان الزين الحداد بمركز رعاية المسنين بمنوبة.
ويحتضن المعهد العالي للموسيقى بتونس يوم غد 9 مارس ندوة فكرية بعنوان « قطاع الموسيقى بتونس من الدولة الراعية إلى منظومة اقتصاد السوق ». وتهدف هذه الندوة إلى طرح بعض الإشكاليات التي تحول دون نمو الصناعات الموسيقية بتونس والتي يمكن لأصحاب القرار اعتمادها كمنطلقات من أجل تعديل بعض القوانين وتحيينها لمسايرة المتغيرات وتطوير القطاع الموسيقى.