في لقاءاته مع كل من اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف وعميد المحامين: رئيس الجمهورية يحدد شروط الحوار الوطني والمشاركين فيه
بعد إعلانه عن حلّ مجلس نواب الشعب والانطلاق في التبعات القانونية ضدّ عدد من النواب، تعددت لقاءات رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال الـ48 ساعة الأخيرة لضمان
إنجاح خطواته القادمة والردّ على خصومه، وبعد قرار حل البرلمان بات الرئيس يتحرك على كل الواجهات، بعقد اللقاءات والاجتماعات، مع رئيسة الحكومة ومع عدد من الوزراء ومع المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل والمكتب التنفيذي لمنظمة الأعراف وعميد الهيئة الوطنية للمحامين ، لقاءات حرص الرئيس من خلالها على توجيه رسائله إلى المعارضين والداعمين له على حدّ السواء، وقد اختلفت مضامينها والملفات المطروحة فيها ويأتي جميعها في إطار الأولوية التي رسمها ضمن مشروعه السياسي، الحوار الوطني بناء على مخرجات الاستشارة الوطنية.
استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد أمس بقصر قرطاج نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، والسيّدات وأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد، هذا اللقاء الذي تمّ الإعلان عنه منذ تاريخ 9 مارس المنقضي تبعا لاتصال هاتفي تمّ بين الطبوبي وسعيد لينعقد إلا يوم أمس، لقاء يأتي بعد أشهر من الجفاء والقطيعة بين الجانبين رغم تأكيدات الطرفين أنه لا وجود لأية قطيعة بين الرئاسة والاتحاد بل فقط اختلاف في وجهات النظر، هذا اللقاء انتظره الاتحاد كثيرا خاصة لتوضيح عدة نقاط ومعرفة موقف الرئيس من البرنامج الذي قدمته حكومة بودن إلى صندوق النقد الدولي في علاقة بالأجور ورفع الدعم والتفويت في المؤسسات، نقاط يعدّ المسّ بها خطا أحمر بالنسبة للاتحاد.
الحوار بناء على مخرجات الاستشارة
بحسب بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، بين قيس سعيد خلال لقائه مع أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل أن الحوار سيكون بناء على مخرجات الاستشارة الوطنية، وأشار إلى أن اجتماع اليوم دليل على أن الحلول لن تنفرد بها جهة واحدة بل ستقوم على الحوار الذي لا يمكن أن يكون مع من نهبوا مقدّرات الشعب ولازالوا ينكلون به في معاشه، أو مع من أرادوا الانقلاب على الدولة وتفجيرها من الداخل. وجدّد رئيس الجمهورية التأكيد على ثوابت لا محيد عنها وهي الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة لأن المرافق العمومية لا تخضع لمقاييس الربح والخسارة ولا بدّ من وضع حدّ لشبكات الفساد التي تنخرها ولمحاولات المفسدين ضربها للحلول محلّها.
تطابق في وجهات النظر
وأكد الطبوبي في تصريح له عقب اللقاء الذي يأتي وفق قوله في إطار تهنئة المكتب التنفيذي بعد المؤتمر الـ25 ، أن هناك تطابق وجهات النظر بين الرئيس والاتحاد في ما يتعلق بإصلاح المؤسسات العمومية وضمان ديمومتها والمحافظة عليها وكذلك في مسالة الدعم والأجور، مشيرا إلى أن الرئيس أقرّ بضعف الأجور، وبين أنه تمّ التأكيد على ضرورة إصلاح المنظومة التربوية الذي لا يمكن أن يتم إلا بالنظر إلى الوضعية الاجتماعية للمربي والمربين، كما تمّ الاتفاق أن تونس تحتاج إلى كل أبنائها في إطار قناعات معنية، ليشدد على أنه تمّ التأكيد خلال اللقاء على أن التشاركية ستكون سيدة الموقف لرسم آفاق ومستقبل تونس في المرحلة القادمة مع القوى المدنية والسياسية التي تتقاطع في الأفكار وتطمح لبناء تونس الغد بكل أمل وطموح.
لا للحوار مع من نهبوا مقدّرات الشعب
كما استقبل رئيس الجمهورية سمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد. وشدّد رئيس الجمهورية، خلال هذا اللقاء، على أن التعاطي مع القضايا الراهنة يجب أن يكون في إطار مقاربة وطنية وعلى أن الحوار لا يكون مع كل من نهب مقدّرات الشعب ونكّل به، أو حاول الانقلاب على الدولة والمسّ من استمراريتها ووحدتها. وفي تصريح له عقب اللقاء أكد ماجول أنه تمّ خلال اللقاء التطرّق إلى المواضيع التي تخصّ تونس ومستقبلها وشعبها في ظلّ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية الصعبة، وأضاف أنه تمّ التأكيد على دور منظمة الأعراف الذي سيكون دائما مرافقا للحكومة ورئيس الدولة للخروج من الوضعية الصعبة، مشيرا إلى أنّ اتحاد الأعراف كان دائما مساندا لقرارات 25 جويلية، ولا بدّ من العمل اليوم على ضرورة تغيير المناخ الاقتصادي والاجتماعي لإرجاع الأمل للشعب التونسي وللمؤسسات.
بناء حوار وفق مقاربة وطنية
لقاءات الرئيس أمس لم تقتصر على اتحادي الشغالين والأعراف بل شملت هيئة المحامين، حيث استقبل الرئيس أمس عميد الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بودربالة، ووفق بلاغ الرئاسة فقد أكّد رئيس الجمهورية، خلال هذا اللقاء، على أهمية اعتماد مخرجات الاستشارة الالكترونية من أجل بناء حوار وفق مقاربة وطنية للقضايا الراهنة بمشاركة فاعلة من قطاع المحاماة، وذلك لتحقيق تطلعات الشعب التونسي وآماله. وفي تصريح له عقب اللقاء قال بوردبالة، إن المسار الذي تنتهجه البلاد اليوم مسار تاريخي من شأنه عند نجاحه أن ينقذ البلاد من عنق الزجاجة والوصول إلى تحقيق كل الآمال، مشيرا إلى أنه أكد للرئيس أنّ انفتاحه للحوار مع المنظمات الوطنية التي لها رصيد وطني ومع الشخصيات الوطنية المستقلة التي عرفت بنظافة اليد من شأنه أن يبعث الطمأنينة في نفوس كل المواطنين بخصوص نحاج المسعى الذي رسمه لنفسه، كما أكدت له أن مهنة المحاماة دائما تقوم بدورها الطلائعي في مصلحة الوطن العليا وهي مستعدة بكل أفرادها ومسؤوليها للمشاركة في ما من شأنه أن يحقق الفلاح للوطن.