عادل كمون رئيس ديوان وزير الفلاحة سابقا في ذمة الله
الله أكبر الله أكبر الله أكبر سبحان من تفرد بدوام العزة والبقاء وكتب على مخلوقاته الموت والفناء
فجعنا صباح اليوم بنبأ وفاة الاخ الغالي والصديق العزيز والرجل الوطني الغيور والزميل المحترم المغفور له بإذن الله تعالى عادل كمون رئيس ديوان وزير الفلاحة سابقا المرحوم الاسعد بن عصمان لحوالي 10 سنوات.
لقد فقدنا برحيله رجلا شريفا من رجال الموقف وحسن التدبير ومثالاً يقتدى في البذل والعطاء والعمل المتفاني الدؤوب من أجل خدمة تونس .
لقد كان للفقيد العزيز بصمات واضحة وإسهامات بارزة خلال مسيرة الوظيفية بوزارة الفلاحة وهو من الكفاءات المشهود له بالكفاءة والنزاهة والامانه والاخلاص.
وكان رحمه الله صاحب تكوين اكاديمي متين في القانون وفي الادارة العمومية حيث تخرّج من كلية الحقوق بتونس ثم اتمَّ دراسته بنجاح بالمرحلة العليا للمدرسة الوطنية للادارة في اواخر السبعينيات.
المغفور له باذنه تعالى عادل كمون كان مناضلا دستوريا للنخاع ذو ميولات قومية فى بداية شبابه سرعان ما راجعها انطلاقا من نكسة 1967 لينخرط عن قناعة وايمان بالتيار الدستورى وليكون احد فرسان الساحة الطلابية بكلية الحقوق فى تنافس شديد مع المعارضة التى كان يراسها الاخضر لالة ومختار الطريفى وراضية النصراوي.
بالرغم من انتماءه للتيار الدستورى كان يدافع بشراسة عن زملاءه الطلبة بكلية الحقوق كلما اوقفوا او لاحقتهم التتبعات.
نشأ وترعرع فى وسط يومن بعلوية القانون، وكان على قاب قوسين من الالتحاق بمهنة المحاماة حيث اتفق مع المرحوم الاستاذ الياس القرقوري على الانضمام لمكتبه بصفاقس لكن قربه من الاخ الكبير ومربى الاجيال حامد القرمازى رءيس جمعية قدماء الهادى شاكر جعله يغير رايه اخر المطاف وينضم بتشجيع من هذا الاخير لديوان وزير التجهيز الاسعد بن عصمان الذى كان يشرف عليه محمد عبدالهادي .
من هنا انطلقت مسيرة رائعة كان خلالها عادل كمون هو رئيس ديوان الاسعد بن عصمان والمقرب الاول له بعد ان دعى محمد عبد الهادى الى مسؤوليات دولية.
فى احدى الايام كان زين العابدين بن على مديرا للامن الوطنى وكان المغفور له عادل كمون رئيسا لديوان وزير الفلاحة تم فى ذلك اليوم ضبط اربعة ضباط من كبار المسؤولين فى الشرطة بصدد الصيد بدون رخصة فى منطقة عين دراهم وقام حرس الغابات بتحرير محاضر فى حقهم فطلبوا من مدير الامن الوطنى ان يتصل بوزير الفلاحة لالغاء هذه المحاضر.
قام بن على بمهاتفة وزير الفلاحة الذى كان متغيبا فى الخارج فرد عادل كمون على المكالمة التى تمحورت حول الغاء المحاضر التى حررت فى شان ضباط الشرطة.
كان رد عادل كمون على غير ماهو معمول به انذاك فقد لام على مدير الامن الوطنى القيام بهذا التصرف قاءلا هل كان بامكانى ان اطلب منك سيدى المدير العام الغاء محضر يحرر ضد موظفين بوزارة الفلاحة من اجل السياقة فى حالة سكر او حتى مخالفة قواعد المرور ضباط الشرطة مدعوون قبل غيرهم ان يحترموا القانون.
تشاء الضروف ان يصبح بن على كاتب دولة ثم وزيرا للداخلية ثم وزيرا اولا ثم رئيسا للجمهورية وأيقن عادل كمون ان بن على سوف لن يغفر له موقفه الذى عبر عنه والذى يعكس شخصيته المثالية فانسحب فى صمت من العمل السياسي.
ورغم تدخل البعض لدى رئيس الجمهورية لاقناعه بكفاءة هذا الرجل ونظافته وقبول بن على بان يسمى عادل كمون مديرا عاما للصوناد لكن رفض الفقيد قبول هذه التسمية.
وبقى مستشارا لدى وزراء الفلاحة اللذين ارتبط غالبيتهم بعلاقات متينة معه تقديرا لكفاءته ونزاهته. وحسه الوطنى وانغمس فى التدريس بالمدرسة القومية للادارة التى كان احد كبار اساتذتها طباعه ومثاليته جعلته لا يهادن ولا يخشى فى الحق لومة لاءم ولا يخاف من ردود فعل السياسيين لانه باختصار شديد كان نظيف اليدين وقريبا من الضعفاء وابناء الشعب
رحل جسداً وبقي أثراً رحمه الله.
ان العين لتدمع وان القلب ليحزن وانا على فراقك لمحزونون …إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى… وانا لله وانا اليه راجعون رحمه الله رحمة واسعة وغفر له واسكنه فسيح جناته ورزق أهله وذويه وصحبه جميل الصبر والسلوان.
تعازينا الحارة لكل أفراد العائلة وأقارب الفقيد واصدقائه وكل اطارات واعوان وزارة الفلاحة، وإنا لله وانا اليه راجعون
.”يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي” صدق الله العظيم.