الشيخ التوفيق الكراي يصل إلى محطته الأخيرة ويودع قطار الحياة 1929-2023
بعد تجربة دينية في التعليم والامامة حافلة بالعطاء والإثراءـ ترجّل المربي الشيخ التوفيق الكراي عن صهوة الحياة، عن عمر يناهز 93 عاما. لقد ترك الفقيد مساحة واسعة من الألم والحزن في أوساط العائلة، وفي دائرة الشؤون الدينية والاجتماعية خصوصا حينما امتزج حضوره في القسم والجامع والحياة العامة بسمات الخلق الرفيع، والتأدب الجمّ، واللّطف مع الجميع. وهو والد الصديق د.هشام الكراي المدير/المساعد رئيس الوحدة الفرعية للبرمجة والبرامج بإذاعة صفاقس.
والشيخ التوفيق الكراي من مواليد 7 جانفي 1929 بطريق تنيور، من خريجي جامع الزيتونة المعمور، درّس بالتعليم الابتدائي (مدرسة كاشا) ثم ارتقى إلى التعليم الثانوي، ودرّس بمعهد مجيدة بوليلة بصفاقس. شغل رتبة إمام جامع لعقود من الزمن منذ تقاعده سنة 1978 بجامع الهدى بحي النور، ثم بجامع سيدي بوسعدة، فالجامع الكبير بالمدينة العتيقة بصفاقس، وأخيرا بجامع سيدي امحمد الكراي بصفاقس الجديدة، وانسحب بلطف، منذ بضعة أشهر فقط نظرا لحالته الصحية ، من الإمامة بهذا الجامع الذي يعود إلى عائلة الكراي المشهورة.
تنسب عائلة الكراي إلى جدّها المؤسس لها بصفاقس سيدي علي الكراي وهو أول من حمل لقب الكراي. وهي في الأصل عائلة من الأشراف بما أن علي الكراي بن ميمون وفاء (الوفائي) كان ينتسب إلى العائلة الوفائية المصرية التي قدمت الى صفاقس مع ميمون وفاء(1380-1410) وينسب إليها طبعا سيدي بلحسن الكراي الذي زار الأزهر بالقاهرة، وتتلمذ على شيوخه.
الفقيد التوفيق الكراي كان بمثابة القابض على جمر الفقه الديني في زمن الجهل، كان ملء السمع والبصر في خطبة الجمعة، وكان ذهبيّ الفم، دائم الهدوء في حديثه مع الناس من قرب منهم ومن بعد، يسمع منهم قبل أن يسمعهم ويشاركهم قبل أن يسألهم في جوّ من الألفة والحنوّ. والذي لا يعرفه الكثير أنه كان مدافعا عن اللغة العربية وعلومها والقرآن وحكمته.
وللشيخ التوفيق الكراي – برّد الله ثراه- الذي جلست إليه عديد المرات، رفقة ابنه البار هشام، أقول عليك من الله رحمة واسعة فأي ضوء ساطع طفئ بغيابك، وأي حزن لفّ القلوب بغيابك. وليرحمك الله