نبض الحياة اولوية البعد السياسي
من المستغرب ان العديد من القوى والنخب السياسية إعتبرت الاعلان عن عودة العلاقات بين السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل الإستعمارية اول امس الثلاثاء الموافق 17/11/2020 مفاجئا، وخروجا عن القرارات التي تبنتها قيادة منظمة التحرير في 19/5/2020، ومخرجات اجتماع الثالث من ايلول / سبتمبر الماضي (2020)، وأضر بالحوار الجاري من اجل تجسير العلاقات الفلسطينية الفلسطينية عموما، وبين حركتي فتح وحماس خصوصا، ولا اعتقد إن كلا الأمرين صحيحا، لماذا؟ لإن هناك أكثر من عامل تنظيمي وسياسي يدعم هذة الرؤية، منها:
اولا الجميع يذكر جيدا وخاصة فصائل منظمة التحرير، أن آخر جلسة عقدت للمجلس المركزي للمنظمة فوضت لجنة العشرين لتنفيذ القرارات، التي تبناها المجلس، واللجنة ذاتها فوضت الرئيس ابو مازن ومجموعة مصغرة منها لمتابعة الموضوعات ذات الصلة؛
ثانيا رئيس منظمة التحرير أكد عشرات المرات، انه مستعد للعودة لطاولة المفاوضات مع حكومة إسرائيل على اساس التزامها بالإتفاقات المبرمة بين الجانبين، وإسقاط صفقة القرن، والغاء احد عنوانيها، وهو ضم ما يزيد عن 30% من اراضي دولة فلسطين المحتلة؛
ثالثا ما انتجتة الإنتخابات الرئاسية الأميركية من تطورات لجهة فوز مرشح الحزب الديمقراطي، جو بايدن، والذي لا يتبنى تلك الصفقة الفاشلة والميتة عمليا نتاج الصمود الفلسطيني؛
رابعا إنخراط العديد من القوى الدولية وخاصة من الإتحادين الأوروبي والروسي والأمم المتحدة لعودة العلاقات على اساس الإلتزام بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛
خامسا تراجع وإنكفاء العامل العربي الرسمي بسبب الركض في متاهة التطبيع الإستسلامي، الأمر الذي القى العبء الأساسي على كاهل القيادة الفلسطينية عموما وشخص الرئيس عباس خصوصا؛
سادسا إرسال حكومة الإستعمار الإسرائيلية رسالة واضحة، اكدت فيها إلتزامها بالإتفاقات. مجمل هذة العوامل شكلت ارضية لعودة العلاقات مع دولة إسرائيل الخارجة على القانون. لإن الشرط الأساسي، كان العنوان السياسي، أي إلتزام حكومة الرأس ونصف الإسرائيلية بالإتفاقيات.
رغم القناعة الداخلية الراسخة بأن نتنياهو واقرانه من المستعمرين لن يفوا بالوعد والإلتزام. بيد ان السياسة لا تقوم العلاقات فيها على النوايا، وانما تحكمها المعطيات المعلنة بين القوى المنخرطة فيها. وهذا ليس تبريرا، ولا تسطيحا للإمور، وانما تعاطيا عقلانيا وعلميا مع شروط اللحظة السياسية.
من المؤكد كان، ويجب ان يكون قرار الإعلان عن العودة لفتح ابواب العلاقة مع الحكومة الإستعمار في أعقاب إجتماع رسمي للجنة التنفيذية للمنظمة وطرح الموضوعات المرتبطة بالملف على بساط البحث، ومن ثم الإعلان عن النتائج في مؤتمر صحفي، حتى لا يبدو الموقف، وكأنه قرارا شخصيا، أو مفاجئا للبعض، وايضا إنسجاما مع لوائح العمل التنظيمية الناظمة لعمل الهيئات القيادية. لا سيما وان الأمر يهم جميع القوى السياسية خصوصا والشعب عموما.
ومن موقع المتفهم لرؤية ومواقف القوى السياسية الفلسطينية المتحفظة، او المعارضة للقرار، وهذا حقها الديمقراطي في التعبير عن مواقفها بغض النظر عن محتواه، غير ان القرار لم يكن خروجا عن القرارات المركزية، ولا إنفعاليا، او عاطفيا، او نتيجة إملاءات من القوى الإقليمية او الدولية، وانما جاء إستجابة وإنسجاما مع مصالح وثوابت الشعب المقرة في الهيئات المركزية للمنظمة، ولم يتم تجاوز او الخروج عن اي ثابت وطني، لا بل تكريسا للحقوق الوطنية. وبالتالي من يرى العودة للعلاقات مع الدولة الصهيونية من زاوية ضيقة تنحصر في الجانب المالي، على اهميته، او جانب التنسيق المدني والأمني، فهو مخطىء، وجانب الصواب. لإن الركيزة الأساسية تتمركز في البعد السياسي، وهو الناظم لعملية الصراع مع المستعمرين الإسرائيليين.
وتعزيزا لروح الشراكة السياسية، اعتقد ان هناك حاجة ماسة للدعوة لعقد إجتماعات للهيئات المركزية الفلسطينية، اولا للجنة التنفيذية، او اللجنتين التنفيذية والمركزية، والدعوة لعقد لقاء للإمناء العامين برئاسة الرئيس ابو مازن، ثم دعوة المجلس المركزي للمنظمة، الذي حان منذ زمن دعوته للإنعقاد لمناقشة مجمل التطورات السياسية، وايضا للبت في قضايا تنظيمية باستكمال تشكل اللجان الأساسية في المجلس، وايضا لإستكمال عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة، ولفتح الباب امام القوى السياسية، التي مازالت خارج بيت المنظمة، للإنضواء تحت رايتها، ولإعطاء زخم لمكانة ودور المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
عمر حلمي الغول