اكتشاف أدلة تؤكد وجود الإنسان العاقل بمنطقة نفطة منذ 100 ألف سنة
قدّم باحثون تونسيون وبريطانيون، أدلة تؤكد وجود “الإنسان العاقل” قبل 100 ألف سنة، بمنطقة “نفطة”، جنوب غربي تونس.
وقالت نبيهة عوادي، أستاذة بحوث ورئيس قسم ما قبل التاريخ بالمعهد الوطني للتراث (حكومي)، خلال مؤتمر صحفي، إن الإعلان عن اكتشاف الموقع الأثري كان في سبتمبر 2016، وبعد سلسلة من الحفريات تكفل فريق الباحثين البريطانيين بإجراء التحاليل المخبرية اللازمة لمعرفة جانب من تفاصيل حياة الإنسان.
وأضافت أن التحاليل أثبتت وجود الإنسان “العاقل” بالمنطقة التي تتبع ولاية توزر، قبل 100 ألف سنة، وهو تاريخ يعود للحضارة “العاترية”.
وتعتبر الحضارة “العاترية” الأقدم من بين حضارات أخرى بالمنطقة مثل الحضارة القفصية، والوهرانية، والأكثر تقدماً تقنياً منهما.
وأوضحت نبيهة عوادي، أن الكشف يوضح “طريق هجرة الإنسان العاقل، فقد كان يعتقد إلى وقت قريب، أنه جاء عبر الطريق الساحلي، ولكن تبين أن طريقه كان عبر المناطق الداخلية حيث كان يتبع وجود المياه والبحيرات ذات المياه العذبة”.
وفي تصريح للأناضول، على هامش المؤتمر، قال الباحث التونسي نبيل قاسمي، رئيس غرفة تنمية السياحة الواحية والصحراوية (مستقلة) وأحد فريق العمل المشرف على البحث، إنّ “الحفريات في المنطقة، وبالتحديد المكان المعروف بـ”غيطان الشرفة”، بمدينة نفطة، مكنت من العثور على هياكل عظمية للإنسان وأدوات صيد كان يستخدمها إلى جانب بقايا عظام لحيوانات”.
ن أهمية الاكتشاف يضيف قاسمي “هذا الاكتشاف مهم من الناحية العلمية، فلأول مرة يعرف العالم أن الإنسان العاقل عاش في هذا الموقع، وترك لنا بقايا أحفورية تبين لنا ذلك”.
وأوضح أن فريق البحث عثر كذلك على “أحافير حيوانية هامة جداً من حيث المجال البيئي، حيث وجدنا بقايا تدل على وجود الغزلان، وحيد القرن، الأسد، والبقريات، وهي كلها شواهد على أن هذا المجال البيئي كان مغايراً لما نعيشه اليوم”.
وتعتبر نفطة حاليا، منطقة صحراوية، تفتقر لغطاء نباتي كثيف، باستثناء واحات النخيل، ولا تنتشر فيها الحيوانات البرية بكثرة.
واعتبر أنّه “بهذا الاكتشاف ندلل مرة أخرى أن الإنسان العاتري مر من هذا المكان، عبر شمال إفريقيا، للوصول إلى أوروبا منذ 50 ألف سنة”.
وكشف باحثون في السنوات القليلة الماضية عن هياكل عظمية لديناصورات في الجنوب التونسي تعود لنحو 100 مليون سنة وأكثر، لكنها المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن وجود للإنسان في المنطقة لفترة ما قبل التاريخ.
وقال ” دراك”، الأستاذ بقسم الجغرافيا بكلية كينجر بلندن، إن الاكتشاف “يبين لنا أن هذه المنطقة كانت خضراء ذات مياه عذبة، وهو مهم على المستوى العالمي، فيرصد لنا التحولات البيئة منذ 100 ألف سنة”.
من جهته، قال وحيد عباس، وهو شاب من محافظة توزر، للأناضول، إن “هذا الاكتشاف فخر لمنطقتنا، ودليل على علاقتها بالإنسانية الكونية، بخلاف ما نعلمه، فقد كنا نظن أن مناطقنا لم تعرف الحضارة الإنسانية”.
وأعرب عن أمله في أن يعزز هذا الكشف من القدرات التنموية للمنطقة بحسن استغلال الموقع والتعريف به وإدماجه ضمن الخارطة السياحية.
والإنسان العاقل (هومو سَابيَانْس)؛ هو النوع الوحيد من البشر الذي مازال يعيش على الأرض. حيث تقاسمت أنواع كثيرة من البشر كوكب الأرض مدة أربعة ملايين سنة على الأقل، حسب مجلة العلوم.