ويتوالى التعنيف .. وعلاجٍ أحاديِّ القُطب ( اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأه )
الكاتبة الحقوقية رحمه زهير العزه / الأردن
في كل تضامن سنوي للقضاء على العنف ضد المرأه في 25 نوفمبر من كل عام … تجتمع الشعوب لدعم حقوق المرأه والتنديد بأشكال العنف التي تتعرض له في المجتمعات للمطالبة بحماية المرأه من العنف و التمييز , ولكن فعليا وخصوصا في المجتمع الأردني تتعرّض آلاف النساء الأردنيات للعنف ، وتظهر بعض هذه الإعتداءات من خلال الإحصائيات الرسمية للجهات المعنية، فيما تظل غالبية الحالات خلف جدران الصمت، بسبب الثقافة المجتمعية الذكورية السائدة في المجتمع، التي تتيح للذكور ضرب النساء والسيطرة على خياراتهن والتحكم بحياتهن، على الرغم من ارتفاع عدد الفتيات المتعلّمات في المجتمع الأردني , ومع وجود إتفاقيات و قوانين محلية تتكفل بحماية النساء من العنف اللفظي و الجسدي و النفسي و حتى الجنسي مثل قانون الحماية من العنف الأسري الأردني لعام 2008 و تعديلاته .
وكما نصت اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأه في المادة (2/ ج) : إقرار الحماية القانونية لحقوق المرأه على قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعّالة للمرأه , عن طريق المحاكم الوطنية ذات الإختصاص و المؤسسات العامة الأخرى من أي عمل تمييزي . كما نصت الفقرة (و) من نفس المادة : إتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لتعديل أو إلغاء القوانين و الأنظمة و الأعراف و الممارسات القائمة التي تشكل تمييزاً ضد المرأه . و المادة (6/ ب ) بمضمونها : أن المساواة بين المرأه و الرجل قائمة أيضا داخل الإطار الأُسري مع إعتبار مصلحة الأطفال أولاً . كما أكدت و أقرت على خطورة العنف الأسري و العنف ضد المرأه في إتفاقية مجلس أوروبا للوقاية من العنف ضد النساء و العنف المنزلي و مكافحتها تاريخ 11/5 / 2011 وضرورة وجود تشريعات تحمي النساء .
وفي هذا المنطلق نرى أن جميع الإتفاقيات التي تنص على حماية المرأه من العنف الجسدي و النفسي و الجنسي أُسرياً كان أم زوجياً مفعّلة محلياً و دولياً , وهنالك مؤسسات حكومية و وغير حكومة متكفلة بذلك مع برامج التأهيل النفسي و العقلي للمعنفات لإعادة دمجهم في المجتمع من خلال مختصين معينيين في هذا المجال .
ولكن السؤال هنا لماذا مع كل هذه الإجراءات و التشريعات تتزايد إحصائيات حالات العنف الأسري في أخر ثلاث سنوات ؟؟!!!!
ففي عام 2017-2018 : وصل عدد النساء والفتيات المعنفات اللواتي راجعن مكاتب الخدمة الاجتماعية بإدارة حماية الأسرة إلى 6965، منها 4527 تتعلق بالبالغات و2438 بالقاصرات بنسبة 16% .
وفي عام 2019 : وصل عدد جرائم القتل الأسرية بحق النساء والفتيات 2019 إلى 21 جريمة، وبارتفاع نسبته 20% مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2018،
وفي عام 2020 : 19% المتزوجات المعنفات جسدياً أو جنسياً من قبل أزواجهن طلبنا المساعدة و 3% منهن قدمن شكاوى , 16% جريمة قتل أسرية ضد النساء والفتيات خلال أول 8 أشهر من عام 2020 , 47% من النساء في الأردن أصواتهن غير مسموعة ومعاناتهن غير مرئية فيما يتعلق بالعنف الأسري, وكما ارتفعت جرائم القنل الاسري بحق النساء الى 17 حالة منذ بداية 2020.
أما في العالم وفي عام 2020 تحديداً : حيث حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من تصاعد عالمي مرعب للعنف المنزلي وسط تفشي وباء كورونا، وحث الحكومات على تكثيف جهودها لمنع العنف ضد المرأة , حيث كانت الصين قد شهدت ازديادًا في نسبة العنف المنزلي قاربت 30% أثناء الحجر الصحي، بينما ارتفعت النسبة في فرنسا الى ما يقرب 36 %..
وهذا ما يؤكد أن حماية المعنفات و الضحايا من خلال التشريعات و القوانين و إعادة تأهيلهنّ و زجّ المجرمين في مركز الإصلاح و التأهيل ليس بكافياً بعد الآن وخصوصاً مع هذه الأعداد المتزايدة , وبذلك نستنتج أن السجون لم تعد الحل المناسب للقضاء على العنف ضد المرأه و العنف الأسري بل يحتاج الى علاج جذري وفعّال لمرتكب التعنيف وليس قصراّ على المعنفات فقط , لأن المُعنَّف هو إنسان بالنهاية ويحتاج للرعاية و إعادة التأهيل نفسيا وعقليا و ليس حبس الحرية فقط , و يحتاج أن تمدّ له يد المساعدة و إن كان مجرماً وهذا من خلال التأهيل في السجون نفسياً و عقلياً و المتابعه و الإرشاد خارج السجون و التوعية و الثقيف في المساجد و دور العبادات و وسائل الإعلام المتنوعه و البدء بتكثيف الجهود لوضع أسس التربية الصحيحة للآباء من خلال مراكز متخصصة في التربية الأبوية… وغيرها , وهذا بدافع الإنسانية و الحل الأمثل للقضاء على العنف تجاه المرأه و الأُسرى الذي يعاني منه العالم بأكمله وليس الأردن فقط .