العامل الإقتصادي حلٌ للمرأه العربية .. ونجاة للمجتمع
الكاتبة الحقوقية رحمه زهير العزه
التمكين الاقتصادي للمرأة هو إحدى الركائز الأساسية التي تستطيع من خلالها المرأه الإنطلاق الى المجتمع و إثبات نفسها على أنها طرف فاعل في عمليات البناء المجتمعي كما أنه عنصر حاسم لتمكن المرأه في شتى المجالات الحياتية , حيث أن الأمم المتحدة أولت جهوداً مكثفة بشأن التمكين الاقتصادي في سياق حقوق المرأة والعمل، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة الشاملة التي تشمل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بما يتماشى مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030, و أن قدرة المرأة على النجاح والتقدم اقتصاديًا وامتلاكها الصلاحيات لصنع القرارات الاقتصادية واتخاذها للإجراءات بشأن نفسها هو حق إنساني أساسي. رغم أن هنالك بعض الدول تحفظت على المادة 15 (المتعلقة بالمساواة في حقوق المرأة في إبرام العقود وإدارة الممتلكات) و المادة 16 (المتعلقة بحق المرأة المتزوجة في حيازة الممتلكات وإدارتها والتصرف فيها على قدم المساواة مع الرجل) . مما ينعكس ذلك سلبًا على التمكين الاقتصادي للمرأة لأنه يؤثر على وصول المرأة على قدم المساواة إلى الموارد المتاحة .
ولكن عند الحديث عن بعض الدول العربية ومدى مشاركة نسائها في التنمية الإقتصادية ففي الأردن أرتفعت نسبة البطالة في عام 2020 بين الإناث 24.3% وبين الذكور 18.1% , وأن فرص العمل للنساء لعام 2020 تشكل الثلث من فرص العمل المستحدثة حيث بلغت نسبتها للإناث 35.3% مقابل 64,7% للذكور . أما في دولة فلسطين وفق إحصائيات 2019 التي أصدرتها في عام 2020 بلغ معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة 41% مقابل 21% بين الرجال للعام 2019، علما بأن معدل البطالة بين الشباب الخريجين من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى بلغت 52%، بواقع 68% للإناث مقابل 35% للذكور , و بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 18% من مجمل النساء في سن العمل في العام 2019 مقابل نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة بلغت 70% للعام 2019 . و بالنسبة للبنان تشير التقديرات إلى أن الأزمة الاقتصادية في لبنان التي تفاقمت بصورة أكبر بعد تفشي جائحة كوفيد-19 وانفجاري مرفأ بيروت إلى تقليص نسبة المشاركة النسائية في الاقتصاد بنسبة 14-19% لعام 2020 وفق إحصائيات الأمم المتحدة و صندوق النقد الدولي . وهذا كله لا مجال لمقارنته بدور المرأه الإقتصادي بدول الخليج التي جرت سياستها حول أهمية النهوض بالمرأه إقتصادياً لما له تأثير على مشاركتها في مراكز القوى المحلية بمختلف جهاتها .
ومن هنا نحن نرى أن دور المرأه يبدأ بالتمكين وخصوصاُ الجانب الإقتصادي , فالعديد من النساء يطمحن لتكوين مشاريعهن الخاصة ليجنوْن منها دخلهن الشخصي , وغيرهن من يطمح للوصول الى السلطة في المجالس النيابية و الرئاسية و البلدية لكن ينقصهن التمويل المادي لما له أثر بدور المرأه في المجتمع . وعليه فإن غياب الإجراءات الحكومية و القانونية نحو دفع عجلة التنمية الإقتصادية للمرأه مما يضعف عملها كحكومة , وذلك لغياب المشاركة النسوية و تسلط الذكورية على المناصب الحساسة في الدولة مما يجعلها ” دولة سلطوية بطابع ذكوري قمعي” أمام المجتمع الدولي , وهذا غير الركود الإقتصادي السريع الذي سيحدث داخل المرافق الإقتصادية لإنعدام القدرة الشرائية للنساء و الذي بدوره سيضغط على القدرة المالية للرجل مما سيؤدي بالنهاية الى فقر الفئة الذكورية تأثراً بهذا الضغط مع إنتشار البطالة بين النساء العاملات و الخريجات و إرتفاع نسبة الجهل و تدني المستوى الثقافي بين الأطفال المنجبين من قبل هذه الفئة من النساء لعدم وجود مصدر دخل يغطي التكاليف الدراسية , و بالتالي ستعود هذه المربكات لتصب في زيادة نسبة العجز في ميزانية الدولة ثم زيادة القروض و فوائدها على الدولة و الشعب , أي تدمير البنية التنموية للمجتمع مما سيعرقل خطة الأمم المتحدة التنموية لعام 2030 في العالم العربي .
وكرأي شخصي إذا إستمرت هذه البلدان بالتذرع بإنتشار الفساد و الحروب و الإستهتار في المنطقة بدلاً من أن تعالجها و تضع لها خطط للحد منها و إستثمار الطاقات الكامنة في الفئات الشبابية من ذكور و إناث و تقسيم الثروات و الموارد بطريقة عادلة و آمنه و إفساح المجال للمرأه بالولوج للساحة العربية داخلياً و خارجياً وتقديم يد العون لها بدلا من إستغلالها , و إلا سيصل الحال بهذه الشعوب و هذه الفئات التي ستصبح مهمشة بائسة يائسة حاقدة تنفجر كعبوات ناسفة بربيعٍ عربي ثانٍ يهدد عالم بأكمله و ليس بلدان محددة و الذي سيكون سببه الجهل و الجوع وليس السياسة و المصالح الخارجية .