فيروس كورونا يختطف التلميذة اسراء جابلي وأستاذها يرثيها
توفيت عشية اليوم الجمعة 9 جويلية 2021 اسراء جابلي تلميذة بمعهد بئر الحفي بسيدي بوزيد، ابنة المربي لمجد بن عمار جابلي وهي لم تتخطى ال19 ربيعا من عمرها نتيجة فيروس كورونا .
وقد نجحت الفقيدة بملاحظة حسن و اصابها فيروس كورونا ليضع حدا لحياتها.
يذكر أن التلميذة توفيت بأحد المستشفيات بصفاقس بعد تعكر حالتها وقد خلف خبر وفاتها لوعة في صفوف أصدقاءها وعائلتها وأساتذتها.
وقد كتب أستاذها عيسى جابلي رثاءا لها على صفحته الخاصة بالفيسبوك قائلا:
صمتًا أيّها العالم، صمتا، فحبيبتي الصّغيرة ماتت.
زهرتي اليانعة الخلوق الحنون العمول ماتت.
زهرتي الفاتنة البارعة الباسمة الرائعة ماتت.
سرّروتي الملكة، يا تلميذتي وفراشتي وعصفورتي وسيّدتي وأختي وابنتي وصديقتي ورفيقتي.. يا من أقامت في هذه الأرض روحا خفيفة،ثمّ رحلت..
سأظلّ أبحث عنك في القسم في الطّاولة الأولى، وفي الصّفّ. سأبحث عن عينيك الباسمتين بين عيون أصدقائك، سأطارد شعرك الحرير في كلّ صباحات المدينة، وسأتقفّى أثر ابتسامتك العذبة لأضيء ما تبقّى من أماسينا الحزينة.
سألحق بطيفك في طريق العودة من المعهد، وسأقف لك لأعود بك إلى بيتك، وسأمازحك كالعادة وستحمرّ وجنتاك خجلا من الإطراء والثّناء على تربيتك ورقيّك وأخلاقك العالية. سأقول لك كالعادة: “أنت بطلتي الرّائعة البهيّة، وستنتصرين على البكالوريا”.. وستبتسمين كما تفعلين دوما.
“سرّورة البطلة”، كذا كنت أناديك قبلاً فتجيبين بابتسامة، هلاّ سمعت نحيبي الآن وقد غدوتِ نسمة تحوم في سماء المدينة؟ لا عليك عزيزتي، فَيَدُ الموت العمياء في زمننا تلاحق الابتسامات فتقطفها بلا رحمة. نحن هنا بعدك يتامى، نتخبّط في موتنا وحزننا وألمنا وتردّدنا ويأسنا وخوفنا، نموت في اليوم ألف مرّة.
سرّروتي البطلة، لقد بحتُ لك بكلّ ما سبق أمام زملائك في القسم، لقد أخبرتك بأنّك الملكة البهيّة الطّيّبة الطّيّعة الرّائعة، أثنيت عليك الثّناء كلّه لأنّك تستحقّينه، ولكنّني أخفيت عنك سرّا آن أوانه، فقد ظللت ترينني أستاذك إلى أن رحلت في غفلة منّي. عذرا إسراء: لقد كنت أكذب! فقد كنتِ أستاذتي الحقيقيّة!
كان عليّ أن أخبرك أنّك كنت أستاذتي الّتي تعلّمت منها الصّبر والمكابدة والجهد.
كان عليّ أن أخبرك أنّني تعلّمت منك أكثر ممّا تعلّمتِ منّي، ألا فاعذريني أرجوك، اعذريني أيّتها البطلة الباسمة إذ لم أخبرك بأنّ ابتسامتك الدّائمة كانت الدّرس الأهمّ الّذي تعلّمته منك.
أمّا هؤلاء الموتى الّذين قتلوك بسياساتهم الفاشلة وبعجزهم ومكرهم وانتهازيّتهم وأنانيّتهم فوالله يا إسراء إنّهم لا بواكي لهم يوم يَنفقون. إنّ أذرع المزابل لمفتوحة لتلقّفهم، وإنّ ملك الموت لينتظرهم بقفّازيه ليحملهم جِيَفًا إلى المزبلة. فلا تلتفتي إليهم، ولتعلمي..
ولتعلمي أنّك لم ترحلي.. أنت في فسحة قصيرة وستعودين قريبا. ستعودين لنلتقي عند رأس الشّارع، فأسألك عن الجامعة الّتي اخترت التّوجّه إليها، وعن شعبتك المفضّلة، وسأحدّثك عن الجامعة كما كنت أفعل معكم في القسم، وسأمازحك لتبتسمي بوجنتين ورديّتين وضفيرتين ووجه مشرق.
سرّورة، إنّ دموعي لتضحك منّي إذ ظننت أنّك غادرت حقّا، وتشير إلى نقطة من العسل أشعر أنّها الآن تتحرّك في قلبي. تقول دموعي: إنّ نقطة العسل تلك.. اسمها إسراء الباسمة!
تلميذك الّذي لن ينسى دروسك، عيسى جابلي
تغمد الله الفقيدة بواسع رحمته وأسكنها فسيح جناته ، وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
للإطلاع على اخر الإعلانات ولإضافة إعلاناتكم اضغط هنا