الفنان هلال بن عمر يدخل بيوتنا في رمضان
الوفاء للفن صورةٌ من صور الابداع ولونٌ من ألوانٍ العَطاء الذاتي الذي يُرافقُ الانسانَ طيلَة حياته، هو يبقى هَاجسًا لا تحنُو نَارهُ، يَبحثُ دَائمًا عن مَنْفَذٍ للانفجار والسَّطوِ على مساحة الديناميكية ليَنْثُرَ مَا تَجَمَّعَ لدَيه من حِزَمٍ جديدةٍ ولبنَاتٍ حيّة، فتتولّدُ الأفكارُ وينموُ الابداع…
من هذا المنطلق اتجهت عنايةُ الفنان هلال بن عمر الى انتاج عمل موسيقي عبر شبكات التواصل الاجتماعي في صورة فيديو كليب من خلال سهرات رمضانية تُبث مباشرة ويَستمتع بها كلّ محبي الفن الطربي وذلك باستعمال تقنية ” وان مان شو”، وحتّى يكون العمل الموسيقي هادِفًا وفي مستوى الابداع التقني، جمع هلال بن عمر مجموعة من الشباب عُرفت بخٍبرتها التقنية من ذلك : اهتم رامي بن عمر بالميكساج، وائل الطريقي بالمونتاج، زياد العش بالاخراج…
– سألت ضيفي : هذا العمل الرمضاني وليد الحجر الصحّي، فكيف تولدت الفكرة ؟
– الحجرُ الصحّي في رمضان فتح البَاب على مصراعيه لابداعاتٍ وانتاجاتٍ عمّت كُلّ صُفوف الأنشطة بل تجاوزتها أحيانًا الى اختراعات واكتشافات علمية ومَرَدُّ ذلك الى اتّساع رقعة الزمن ومحاولةِ ملء الفراغات بما يشغل البال ويستجيبُ الى الميولات والطموحات والمواهب… أليس من مزايا “الكورونا” أن تغيّرت بَعض العادات المبتذلة وتولدت سلوكات جديدة تَرنُو الى الافصَاح لتَغْمرَ وَاقِعًا معيشيا نُساهم في صنعه والإلمام حوله، وهذا ما دفعني شخصيا للقيام بهذا العمل الموسيقي.
– هل تعتقد أنك قد نجحت في ذلك ؟
– بكل تأكيد، نجاحٌ منقطع النظير، بعد كلّ سهرة أبقى مستغربًا للعدد الكبير للمتتبعين الذين عاينوا عملي الموسيقي، الجمهور يرغب مثل هذه المحطات لأن شغفهم بالموسيقى كبير والبرامج التلفزية خالية من كلّ الأجواء الرمضانية وأنا أعتقد سيدي أن في تغيّر قولبة العيش مقياسٌ لنموّ حضاري واجتماعي وثقافي.
– ماذا تقصد بذلك سيدي الكريم ؟
– الحجرُ الصحيّ ووفرةُ الفراغ الزمني والميلُ الى الانتاج والابداع ثلاثة عناصر هامة ساهمت في قولبة العيش، المرأة أصبحت تتفنن في مطبخها وتبحث عن أدق الوصفات وأحسنها، الأبناء انغمسوا في المطالعة والألعاب الفكرية، الشباب ساهم في اختراعات علمية ذات بال، أهل الثقافة انشغلوا بكتابات وتدوينات خاصة، أحباء الفن والموسيقى شَغَّلُوا آلاتهم وأنتجُوا، أليس كل هذا مساهمة في نموّ حضاري واجتماعي وثقافي ؟
– وبدَورك كيف وقع استغلال هذه الفترة من الحجر الصحي الرمضاني ؟
– اخترت في انتاج عملا موسيقيا عَبر شبكات التواصل الاجتماعي وقد تركّزت فكرتي الأولى على أغنية “احنا الجود احنا الكرم” للفنان لطفي بوشناق وذلك في شكل اهداء لكل التونسيين الذين برهنُوا عن مدى تآزرهم وتضامنهم ووقوفهم مع ضعاف الحال وامتثالهم لكل القرارات الصادرة، وفي هذا الاطار لابدّ أن أحيي كل الذي ساهمُوا في انجاح هذه السهرات من تقنيين ومن مردّدين المنتمين لمجموعة “حلم” للموسيقى العربية…
– أهم مَا مَيّز البرنامج الرمضاني ؟
– هي ست سهرات في مجملها، نصفها طربيّة على المباشر حيث غنّيت لعبد الوهاب، عبد الحليم، عبد المطب، محمد الجموسي، علي الرياحي، زياد غرسة، لطفي بوشناق، سهرة مع اذاعة الديوان تنشيط المنتجة عزيزة بيار، سهرة خاصة بأغاني أم كلثوم، سهرة خاصة بمهرجان المدينة في دورته 24
– كيف كان صدى هذا العمل الموسيقي وماهي ردود الأفعال ؟
– هو في الحقيقة صدًى مفاجئ جدّا حيث كانت نسبة المشاهدة عالية للغاية وصدّقوني أنها فاقت أحيانا عشرة آلاف مشاهد وقد تلقيت عدة مكالمات تطالب بسهرات أخرى.
– هلال، كيف تجد نفسك وأنت تطرب بدون جمهور ؟
– احساس فريدٌ من نوعه، إلاّ أني أتابع ردود الفعل والتعليق على الصفحة الرسمية بكل شغف وحب وهي مناسبة للقرب من عائلتي أكثر، فالتسجيل داخل الاستوديو الخاص في بيتي، وتحية لزوجتي سرور شبوح بن عمر التي ساهمت في الاخراج والتسجيل الصوتي ولجمهوري الصغير ابنتي “فرح” (10سنوات) و”فادي” (5سنوات)
– كيف تقيّم سهره الاختتام الخاصة بمهرجان المدينة ؟
– هي ناجحة على كل المستويات أداء، ومحتوى واخراجا، وقع تسجيلها بالمسرح البلدي بصفاقس وهنا تحية شكر للسيدة منير البجاوي مديرة المسرح البلدي، وهي فرصة أيضا لأقدم شهادة شكر وتقدير للاستاذ النوري الشعري مدير مهرجان المدينة في نسخته 24 على الدعم والمساندة والعناية بكل انتاج محلي ووطني وتحيتي في الختام لقرّاء شمس الجنوب…
– مع أجمل تحيات علي السقا