لماذا رَبحنا هذه الحرب وخسرنا حروبا أخرى ؟
حطت في تونس، وفي أوائل سنة 2020 جائحة صحية سمّوها (كورونا). حطت هذه الجائحة في تونس دون استئذان وجواز سفر، ودخلت بيوت بعضنا وسكنت في رئات عدد من إخواننا وأخواتنا، فقتلت البعض، وتغلّب عليها البعض.
جاءتنا كورونا كما جاءت ودخلت كل دول العالم وفي شعوب العالم فإذا هي حرب تعلنها علينا وعلى العالم : والحرب لا تقاوم إلا بحرب..
الحرب على الكورونا أعلنتها السلطة التنفيذية بتونس ووضعت قيادتها بيد وزير الصحّة وأعضاده وأعوانه وجنوده ولم تضعها في يد وزير الدفاع.
هذه الحرب استمرّت شُهورا، وكانت الحرب كبقية الحروب وكما عرف عن الحروب، فيها الكرّ وفيها الفرّ، فيها النصْر وفيها الهزيمة..
والحرب ككل حرب وان طال أمدها فإن لها نهاية..وكانت نهاية هذه الحرب ضدّ كورونا في تونس النّصر أدامه الله..ويجوز أن نقول : إننا اليوم في تونس رفعنا أعلام النصر على العدوّ (كورونا)..
والشعوب الواعية المتحضرة تستخلص الدروس من الحرب بعد كل حرب..ومن الدروس أن نبحث عن جواب للسؤال التالي : (لماذا انتصر الشعب التونسيّ في الحرب على كورونا ولم ينتصر في حروب أخرى ؟ لماذا انهزمنا فيها ؟ ماهي هذه الحروب التي انهزمنا فيها ومازلنا منهزمين ؟ (هاهي..أو هذه بعضها)
1- أعلنّا الحرب على الزّبالة، ونظمنا وأقمنا مرارًا وفي سنوات أسابيع النظافة، وأصدرنا قوانين الردّع والزجر ضدّ من يعبثون بالنظافة..ولكن..ولكن..ولكن خسرنا الحرب وبقيت أكوام من الزبالة
2- أعلنا الحرب على الغش في الأسواق، وجندنا للحرب جنودا..ولكن ولكن ولكن..خسرنا الحرب وانتصر الغش
3- أعلنا الحرب على الفوضى المرورية، وحوادث الطرقات وجندنا لذلك جنودا أوقفناها بسلاحها في مفترقات الطرق وفي الشوارع والطرقات، ولكن ولكن ولكن انتصرت الفوضى، وكثرت حوادث الطرقات وخسرنا الحرب.
4- أعلنا الحرب على الدروس الخصوصية، وأعددنا لها خطة بعد خطة بعد خطة، فانهزمت كل خطة وبقية الدروس الخصوصية.
5 – أعلنا الحرب ضدّ الرشوة والفساد، وبقينا سنوات وسنوات وسنوات ونحن ننفق على مؤسسات جندناها لتقاوم الرشوة والفساد فانتشرت الرشوة وكثر الفساد وخسرنا الحرب..
أعود الى السؤال : لماذا ربحنا الحرب ضد الكورونا وخسرنا حروبا أخرى ؟
أليس لأن الكورونا هدّدت حياة كل واحد منا، من شيبنا وشبابنا وأطفالنا فاتّحدْنا ضدّها، وتجندنا ضدّها ورفعنا جميعا السلاح ضدّها وأيقنا أنه لا يستفيد منها واحد منا – بينما الحروب الأخرى تفرّقت فيها كلمتنا واختلفت مواقفنا منها وتاجر فيها بعضنا وانتصرت فيها أنانية بعضنا ؟ أليس كذلك ؟ أعطني عقلك