معاصر الزيتون التقليدية في صفاقس: تراث مادي ولامادي ثري في علاقة بالشجرة رمز الجهة
للزيتون قيمة ثقافية واجتماعية باعتبار التراث المادي واللامادي الهام المرتبط بهذه الشجرة المباركة كما أن وتحويله وعصره يدخل حركية على عديد المناطق التونسية التي تمتد فيها غابات الزيتون بمساحات كبيرة.
ويكتسي قطاع زيت الزيتون في صفاقس عاصمة الزيتون العالمية طابعا اجتماعيا مهما حيث يوفر موارد رزق لآلاف الفلاحين الذين يتعاطون هذا النشاط بصفة كلية أو جزئية
وتتوزع المعاصر في صفاقس بين تقليدية وعصرية لإنتاج الذهب الأخضر،رغم تواجد المعاصر العصرية حافظت تقليدية على تواجدها ضمن خارطة المعاصر في صفاقس واستطاعت الحفاظ على بقائها رغم ما تتطلبه من عدد مرتفع نسبيا من العمال
تتلخص عمليّة عصر الزيت بصفاقس كما ورد في الجذاذة التي أصدرها المعهد الوطني للتراث والتي أعدها محافظ التراث السيدة دليلة بوزيان بالاشتراك مع االفقيد الباحث في ذات المعهد الدكتور فريد خشارم في “رحي حبّات الزيتون حتّى تخرج سوائله التي تحتوي ّ على نسبة من المرجين ونسبة من الزيت ثم فصل الزيت عن المرجين
وتمّر عمليّة عصر الزيتون وفق ما ورد في البطاقة التي نعتمدها في عذا المقال ” بعدّة مراحل متتالية، فإثر توجيه الزيتون إلى المعصرة ووزنه على آلة تسمى “بسكولة”، يجمع الزيتون في مكان خاص يعرف بالمصرف يوجد في ساحة فسيحة وتختلف أعداده حسب حجم المعصرة، ليمّر بعدها في “الريّاشة” للتنظيف وإزالة األتربة وأوراق الزيتون، ثم ينقل الزيتون عن طريق عربة يدويّة صغيرة تسمى “فيس” إلى “المصب و انطالقا من المصب تنزل حبّات الزيتون في المكان المخصص للرحي يسمى “مدار” الذي يتكّون من مبنى مستدير يسمى “فرش” و”قرقابة” اسطوانيّة ضخمة متكّونة من عجلتين كبيرتين من الحجارة تدور على محور قائم وتستغرق عمليّة الرحي ساعة كاملة لتتحّول الثمار إلى عجينة.وتصب العجينة في حوض ويستخرج منها زيت النضوح إذ يطفو الزيت فوق العجينة التي تعبّأ في شوامي من الحلفاء وتطرح داخلها وتوضع في محور عمودي يسمى “الدوابل” ”.
تعصر العجينة بالضغط على الشوامي مّما يمكن من اسخراج زيت يعرف “بزيت الدوابل” أو زيت العصرة الأولى الذي هو خليط من الزيت والمرجين،ولفصلهما تحول المادة المتحصل عليها إلى حوض مكسو بالخزف الأبيض يسمى “طفاحة، وذلك باستعمال وعاء متوسط الحجم به عروتان يسمى “بستيليا” ثم يضاف للمادة المنقولة للحوض كمية من الماء الساخن ويترك لمدة ساعة كاملة ليطفو الزيت في حين يستقر المرجين في قاع الطفاحة و يعبّأ هذا الزيت باستعمال “النحاسة”، الإناء الدائري الصغير ويسكب في مجاري اصطناعيّة تسمى “ساقية” نحو أواني التجميع حيث يستقر في الوقاف” شبيه بالبرميل ثم يحّول إلى البتيّة.
في الأثناء يعيد العملة أو “البحريّة” عصر العجينة ألأولى أو “الفيتورة” مّرة ثانية بإفراغ الشوامي أو “تفريك الفيتورة” ووضعها ثانية في الشوامي ومن ثمة الى “البرايز” أو “البرايس” وهي مكبسة تضغط على الشوامي لاستخراج الزيت العالق بالفيتورة ويسمى زيت بريسة أو زيت عصرة ثانية أو درجة ثانية وكذلك زيت “سيكوندة” وهو أقل جودة.
بعد إتمام جميع المراحل، يجمع الزيت المو ّجه للاستهالك في الجوابي وهي عبارة عن أحواض عميقة مكسيّة بالخزف ألأبيض أما الزيت المزمع تخزينه إلى بقيّة السنة أو الموجه إلى التصدير فيعبّأ في مواجل فسيحة تغلق بإحكام.
أ ّما بقيّة المواد وهي “الفيتورة” تجمع في فضاء فسيح يسمى “المنشر” تو ّجه إلى المصنع ويستخرج منها زيت قليل الجودة يسمى”زيت فيتورة” كما يصنع منه الصابون، في حين يجمع المرجين في أحواض خارجيّة تسمى “جوابي” ويوجه إلى المصبّات
وقبيل افتتاح موسم جني الزيتون يقوم صاحب المعصرة بانتداب العمال باعتبار العمل في هذا القطاع موسمي بالأساس ويقوم الجميع بتفقد وسائل عملهم وأدواتهم ويتعهدونها بالتنظيف والصيانة سواء في المعصرة أو خارجها لدى المختصين في ” اللحام ” أو ما يعرف في صفاقس ” التقصدير ” واصلاح ” آلات ماكينات الزيتون ” فضلا عن تعهد البناية بالدهن والتبييض بالجير العربي في أجواء احتفالية يغلب عليها التفاؤل باستقبال موسم فلاحي يدر عليهم مدخولا يواجهون به مصاريفهم