أميرة المصمودي : صفاقس
صفاقس
قيل لي بالماضي القريب
كان البحر فيها شمالا يلطم الأسوارْ
لمّاعا ثريّا زاخرا بالحياة…. والأشعارْ
وخارج أسوار المدينة جنوبا
كان هناك غابات وبساتين وأشجار ْ
ولكن ……غزاها” التتار ْ”
فمدّ الإسفلت خارج الأسوار ْ
وطمس ركنا من…… البحر
وسمّى المكان ..”باب البحر “
مشيت مشيت على الاسفلت
أبحث وأبحث …..عن البحر ْ
فإذا به كوم من النفايات
خزّ وأقذار وحشرات
إلى أين سأفرّ من أحزاني ؟
حين يضيق …… بي المكان ْ
حتى الغابات غدت عقّاراتْ
مصانع ومداخن وعمـارات
شوّهوك ….مدينتي
باسم التمدّن والتصنيع والإعمار ْ
بلا رياض غدوت بلا مساحات بلا أزهار
حتّى حين أقصد الشفّار
يستقبلني إعصار:
غيوم سوداء
تنفث السّموم ليل نهار
مداخن السيابْ*:
وروائح روث المداجن والدوابْ
حين غاب الاخضرار ..بمدينتي
وغابت البحار
طغى التلوّث والغُبار ْ
فاختنق العصفور …والطفل والرّضيع ْ
وبدا الكهل والشيخ شاحبا ….كالصّريعْ
يا ربّي …أين المفرّ من كمدي وضمئي ؟
أين مَرَاحِي ومَلَاذِي …..أين ظِلِّّي ومَائـــي ؟
حتى الهواء غدا من أسباب ضيقي… ودائي .
مدينتي هي أمّي وسكني لكنها تبخل بشفائي .
أميرة المصمودي : أأ في اللغة والآداب العربية