أثار جدلا واسعا – ملف أراضي السيالين بصفاقس في طور التسوية
تشهد ولاية صفاقس منذ عقود من الزمن جدلا كبيرا بسبب ما يعرف بأراضي “السياليين ” الشاسعة التي لا تقل مساحتها عن حوالي ال100 ألف هكتار والأحقية في ملكيتها حيث تعتبرها الدولة من مكتسباتها بينما يؤكد المواطنون أنها من أملاكهم الموروثة عن الأجداد
هذه الوضعية أعاقت الاستثمار وحالت دون تصرف الأهالي في عقارات فلاحية كبرى م وأخرجت أراضي شاسعة في معتمديات جبنيانة والعامرة والحنشة وعقارب وبمنزل شاكر وبئر علي بن خليفة والمحرس من الدورة الاقتصادية
اضافة الى اراضي السياليين توجد في ولاية صفاقس اشكاليات عقارية تهم في الأراضي الدّولية الفلاحية التي تمسح 30.000 هك وهنشير الحاج قاسم الماسح ل 11.000 هك وأراضي الأحباس الخاصة والعامة وهي ممتلكات وضعت على ذمة الأولياء الصالحين والزوايا والجمعيات الخيرية و أصبحت منذ سنة 1956 على ملك الدولة
جدل قانوني حول ملكية أراضي السياليين
سميت أراضي السيالين نسبة إلى “محمد السيالة” الذي كان قائدا عسكريا لمحلة البايات الحسينيين والتي كانت تتنقل في كافة المناطق لجمع الجباية خلال القرن التاسع عشر وعمدت الدولة آنذاك إلى الاستيلاء على أراضي المواطنين كلما عجزوا عن دفع الضرائب وبعد الاستقلال وضعت الدولة يدها على كل هذه الأراضي واعتبرتها ملكا لها اعتمادا على الأمر العلي المنظم لأراضي السيالين المؤرخ في 23 مارس 1871 وأمر 18 جانفي 1935
وقال فقه القضاء التونسي كلمته في هذا الملف بصدور قرار الدّوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب في 30 جانفي 2014 القاضي بخضوع ملك الدّولة الخاص (أراضي السيالين ) للتقادم المكسب للملكية لصالح مستـغليها
من أجل تسوية هذه الوضعية صدر القانون عدد 21 لسنة 1995 المتعلق بالتفويت في أراضي الدولة الفلاحية ونص في القسمين الأول والثاني من الباب الثالث وفي الفصول من 17 إلى 28 على اعتبر أراضي السيالين قابلة للتسوية لصالح المستغلين الحاليين مع مراعاة الثمن والمحافظة على صبغتها الفلاحية
وتم اصدار الأمر الحكومي عدد 1870 لسنة 2015 مؤرخ في 20 نوفمبر 2015 المتعلق بضبط تركيبة اللجنة الوطنية الاستشارية واللجان الجهوية الاستشارية المكلفة بتسوية وضعية المستغلين بصفة قانونية لعقارات دولية فلاحية ومشمولاتها وطرق سير عملها.
وتضمن هذا الامر الحكومي في مجمله 19 فصلا حول تركيبة اللجان المذكورة كاللجنة الوطنية التي يترأسها وزير املاك الدولة واللجان الجهوية التي يتراسها الوالي من أجل حل الإشكاليات التي حالت دون تسوية وضعية أراضي السيالين والأراضي الراجعة للدولة من تصفية الأحباس العامة وأحباس الزوايا
كما أعلنت وزارة املاك الدولة والشؤون العقارية سنة 2018 عن تشكيل لجنة لإعادة صياغة الأمر الحكومي المتعلق بتسوية وضعية المستغلين بصفة قانونية لعقارات دولية فلاحية (الامر عدد 1870 لسنة 2015 ) نظرا للعوائق التي حالت دون حل ملف اراضي السيالين بصفاقس .
تسوية نهائية لأراضي السيالين في صفاقس
أفادت وزارة أملاك الدّولة والشؤون العقارية أنها أحالت يوم الاثنين 27 جويلية 2020 مشروع الأمر المتعلق بتسوية الوضعية العقارية للأراضي المعروفة بأراضي السيالين بولاية صفاقس والأحباس العامة على غرار حبس عزيزة عثمانة بولاية المهدية وغيرها من الولايات على رئاسة الحكومة لعرضه على مجلس الوزراء قبل المصادقةعليه والنشر.
وأن هذا الأمر سيمكن من تمليك آلاف المستغلين لهذه الأراضي الممتدة في مجملها على زهاء 190 ألف هك، الذين ينتظرون هذه التسوية منذ صدور القانون عدد 21 لسنة 1995 المتعلق بالأراضي الدّولية الفلاحية، من الانتفاع بها على أكمل وجه لتثمينها وتحسين إنتاجها عبر النفاذ إلى التمويلات البنكية
وأكدت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية يوم 15 جويلية 2020 أنها تقدمت ببعض مقترحات الإصلاحات التشريعية والترتيبية كإصدار مجلة الأملاك الوطنيــة الهادفة إلى تجاوز التشتّت الحالي لمختلف النصوص المتعلقة بأملاك الدولة من خلال صياغة مجلّة جامعة لمختلف هذه النصوص وتحيينها ووضعها محل تطابق مع المنظومة القانونية والقضائية والإدارية الحالية
ومشروع تنقيح الباب الثالث من القانون عدد 21 لسنة 1995 المؤرخ في 21 فيفري 1995 والمتعلق بالعقارات الدولية الفلاحية بما يضمن توسيع مجال تسوية الأراضي الدولية الفلاحية ليشمل سائر الخلفاء القانونيين للمنتفعين بالإسناد وذلك لغاية تخليص عديد الأراضي المعنية من وضعية الجمود ومن تواجدها خارج الدورة الاقتصادية الوطنية ومشروع أمر حكومي يتعلق بضبط القيمة الخاصة بالبيع بالمراكنة للعقارات الدولية الفلاحية المعروفة بأراضي السيالين والأراضي الراجعة للدولة من تصفية الأحباس العامة و أحباس الزوايا للحائزين لها من أبناء المحبس أو غيرهم ممن يستغلونها عن حسن نية من أجل إقرار القيمة المالية التي سيتم اعتمادها لتسوية وضعيات التصرف القديمة في هذا الصنف من العقارات الدولية الفلاحية وذلك بالنظر إلى الحقوق المكتسبة من قبل الشاغلين منذ مدة طويلة عن حسن نية.