شارع المظلات” : الألوان تزين ساحة مهجورة بمدنين التونسية
لمسات فنية بسيطة، أنارت عتمة الشارع القديم، من خلال ألوان المظلات التي تم تركيبها على طول “شارع المظلات” وساحته، بعد أن كان يعرف سابقا باسم “رَحْبَة النِّعْمَة”.
مدنين (تونس) /هيثم المحضي/وكالات :
– على مدى 20 يوما أعادت مجموعة من الفنانين التشكيليين تصميم وترميم شارع المظلات
– المجموعة حاولت ترميم المكان التاريخي من خلال المراوحة بين العصري والتقليدي وفقا لمفهوم “تثمين المهمل”
– تم تغطية أسقف الشارع بالمظلات وفرشت أرضيته برسم “المرقوم التونسي” وتزيين الجدران بالخط العربي والزخارف
– لشارع المظلات أهمية تاريخية إذ تم إنشاء أول دار للسينما فيه وأول مخبر للتصوير الفوتوغرافي وأول نيابة لبلدية مدنين
– تسعى المجموعة إلى تعميم هذه التجربة في بقية المناطق، من خلال ترميم كامل الساحات المهجورة في مدينة مدنين
من مكان مظلم وشبه مهجور، إلى مزار لأهالي مدينة “مدنين” التونسية، جنوبي البلاد، هكذا تحول “شارع المظلات” الذّي بات تنبعث منه ألوان أعادت إليه الحياة.
لمسات فنية بسيطة، أنارت عتمة الشارع القديم، من خلال ألوان المظلات التي تم تركيبها على طول “شارع المظلات” وساحته، بعد أن كان يعرف سابقا باسم “رَحْبَة النِّعْمَة”.
يقع الشارع وسط مدينة “مدنين”، بالقرب من سوق “الصاغة” (الذهب والحلي)، ويربط بين أكبر ساحات مركز المدينة.
** انعكاس الألوان
سابقا، كان الشارع مخصصا لبيع وشراء القمح والشعير، وكانت وسائل التجارة والتنقل بدائية، تستعمل فيها الدواب من حمير وغيرها لنقل الحبوب والبضائع.
اليوم، بات الشارع يتزيّن بألوان المظلات الحمراء والزرقاء والخضراء التي تم تركيبها في سقفه، في حين شكلت ظلالها لوحة فنية امتزجت مع ألوان أرضيته الرمادية.
وعلى مدى 20 يوما، أعاد الفنان التشكيلي التونسي، حمادي الكرمي، رفقة عدد من زملائه الفنانين، تصميم وترميم الشارع، وتركيب المظلات في سقفه.
وقال الكرمي، للأناضول: “حاولنا ترميم المكان التاريخي من خلال المراوحة بين العصري والتقليدي، فركبنا 150 مظلة، غطت أسقف الشارع على طول 25 مترا، وبعرض 5 أمتار”.
وتابع: “كما افترشت أرضية الشارع، برسم المرقوم التونسي (فرش تقليدي يستعمل في الجنوب)، إضافة إلى تزويق الجدران بالخط العربي والزخارف”.
** “تثمين المهمل”
وبحسب الفنان التونسي، فان “لهذا المكان (شارع المظلات) أهمية تاريخية، إذ تم إنشاء أول دار للسينما في ساحته عام 1948، إضافة إلى أول مخبر للتصوير الفوتوغرافي”.
“كما تم إنشاء أول نيابة لبلدية مدنين، وأخرى لفرع التعليم الزيتوني (نسبة لجامعة الزيتونة) وكان مخصصا لتدريس أصول الشريعة الإسلامية”، وفقا للكرمي.
وبالقرب من شارع المظلات، رسمت مجموعة الفنانين جداريتين، الأولى لشخصية تاريخية تدعى “سعيد رمادة”، وهو أول مصور فوتوغرافي في مدنين، والثانية لفرقة “غبتن الشعبية” وهي فرقة غنائية فلكلورية قديمة جدا في المدينة.
وفي وسط الساحة، تم تشييد مسرح صغير، للقيام بعروض ثقافية أو تنشيطية، للسياحة وغيرها.
وعلى جدران الشارع، رسم الفنانون العديد من اللوحات التشكيلية، باستعمال الخط العربي، وأخرى تجريدية، إضافة إلى أعمال ذات أشكال هندسية.
بدورها قالت الفنانة التشكيلية، سهام شرف الدين، إنها “ساهمت في هذا العمل (تطوير شارع المظلات)، من خلال الاشتغال على مفهوم تثمين المهمل”.
وأوضحت شرف الدين، للأناضول: “أخذت بعض الأشياء منتهية الصلاحية في حياتنا المعيشية، وقمت بتثبيتها على حائط الشارع، مع وضع بعض الزهور لحث الناس على تحويل كل ما هو مهمل إلى عمل فني”.
** روح جديدة
ويهدف القائمون على هذه التظاهرة الفنية بالتعاون مع بلدية مدينة مدنين، إلى خلق مسار سياحي جديد داخل المدينة، كانوا قد بدأوه بتزيين شارع الحدادين (المخصص لأشغال الحدادة/ وسط المدينة) العام الماضي، وصولا إلى شارع المظلات.
ويقول الفنان التشكيلي، مراد عتيق للأناضول: “قمنا في السابق بإنجاز العديد من الأعمال في ساحات أخرى، ونقوم بالتدقيق في مستوى الاختيارات التي ترتكز أساسا على الساحات القديمة (المهجورة) ولا نتدخل في ساحة لا تشكو من الإهمال”.
من جهته، يوضح رئيس لجنة الفنون والثقافة ببلدية مدنين، الهادي ديبر: “أردنا أن نعيد الحياة من جديد في هذا الشارع والساحة بصفة عامة”.
ويضيف ديبر، للأناضول، “نسعى إلى تعميم هذه التجربة في بقية المناطق، من خلال ترميم كامل الساحات المهجورة في مدينة مدنين”