سيدي بوسعيد : مدينة تونس الزرقاء…
على وقع رائحة الياسمين ونسائم البحر الأبيض المتوسط وبياض جدرانها وزرقة شرفاتها المزهرة و”الخرجة الصوفية” وقصر”النجمة الزهراء”؛ تتربع مدينة سيدي بوسعيد على عرش السياحة في العاصمة التونسية “تونس”.
بمذاق قهوة وشاي الصنوبر في مقاهي “القهوة العالية” و”سيدي الشبعان و “Café des Délices” وسكر “البمبلوني” (نوع من أنواع الفطائر التونسية المغموسة بالسكر) ، يسافر خيال الزوار في الأفق الرحبة اللامتناهية.
فهي المدينة التي تغزل بسحرها الشعراء، فقال فيها نزار قباني “يا تونس الخضراء جئتك عاشقا وعلى جبيني وردة وكتاب”… ، وتغنى بجمالها مغنون عالميون على غرار “باتريك بريال” وماجدة الرومي.
كانت ولاتزال سيدي بوسعيد مزارا مفضلا لأصحاب الذائقة الفنية على غرار الرسامين العالميين “ألبارون رودولف” و”بول كلي” ، اللذين ربطتهما بها قصة حب وألهمتهما بسحر طبيعتها وخصوصية معمارها.
سيدي بوسعيد المدينة التي لا تنسى، ترسخ ذكرياتها في مخيلة كل من تطأ قدماه أزقتها الجميلة.
تطل سيدي بوسعيد على مدن المرسى وقمرت ، حلق الوادي ومدينة قرطاج، مدينة الآثار والتاريخ مدينة عليسة وحنبعل، بمسرحها الشامخ شموخ عراقتها.
تعود نشأة سيدي بوسعيد لزمن الفينيقيين الذين أسّسوا مدينة قرطاج ، وكان جبل سيدي بوسعيد يطلق عليه آنذاك “جبل المنار” أو “جبل المرسى”، وقد استعمل هذا الجبل لمراقبة وتحصين قرطاج، وفي عام 1893 أطلق عليه رسميا اسم “سيدي بوسعيد” عند إحداث بلدية المدينة.
استمدت المنطقة اسمها من اسم الولي الصالح بوسعيد بن خلف بن يحيى التميمي الباجي (1156-1230)، الذي أقام فيها متفرغا للتعبد وناشرا للتعاليم الصوفية، ويتواجد حتى الآن ضريح أو مرقد هذا الولي الصالح وأتباعه من المتدينين الزاهدين مثل سيدي الظريف وسيدي بوفارس وسيدي الشبعان ، بأعالي سيدي بوسعيد.
تميزت سيدي بوسعيد سابقا باحتفالاتها الدينية، ومنها “الخرجة” التي ما زالت تقام إلى اليوم ، وهي عبارة عن حفل ديني تدق فيه الطبول وترتل فيه الأذكار الدينية والأناشيد ، وتطبخ نساء البيوت المجاورة للضريح “الكسكسي” وهو الأكلة الشعبية التقليدية في تونس، ويجتمع كل أهالي القرية مع بعضهم البعض باللباس التقليدي يومها، لإحياء ذكرى الأولياء الصالحين.
حافظت المدينة على خصوصيتها، كما أصبحت الوجهة المفضلة لزوار تونس للاستمتاع بهوائها العليل وجمال أزقتها واقتناء التحف الذكارية من المحلات الموجودة بها.
يعد قصر “النجمة الزهراء” الذي بناه الكونت الإنجليزي “إرلانجر” والذي تحول لاحقا إلى متحف يعرض الآلات الموسيقية ويقيم حفلات الموسيقى الكلاسيكية والعربية من أشهر المعالم السياحية في المدينة.
أترككم مع بعض هذه الصور للاستمتاع ببعض من سحر هاته المدينة التونسية :