إضاءات قانونية: “الإغتصاب الزوجي” جريمة يعاقب عليها القانون؟!
بقلم الأستاذ نادر الخماسي: محام وباحث في القانون
لم يعرّف المشرع التونسي قبل صدور قانون 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، المقصود بالاغتصاب، بل لم يستعمل هذا المصطلح في المجلة الجزائية ولا في النصوص الخاصة واكتفى بالمواقعة لوصف هذا النوع من الجرائم.
لكن بموجب قانون أوت 2017 أدخل المشرّع لأول مرة مصطلح الاغتصاب للمنظومة الجزائية التونسية، وذلك بالفصل 227 جديد من المجلة الجزائية وعرّفه بكونه:
“كل فعل يؤدي إلى إيلاج جنسي مهما كانت طبيعته والوسيلة المستعملة ضد أنثى أو ذكر دون رضاه “ويفهم من ذلك أن المشرع اعتمد مفهوم موسع للاغتصاب.
لكن ماهو موقف القانون التونسي من جريمة “الإغتصاب بين الزوجين”؟ هل هو فعل مجرم أم مباح؟
للإجابة عن هذا التساؤل لابد من المرور بمرحلتين: مرحلة ما قبل قانون 2017 ومرحلة ما بعد قانون 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة.
قبل صدور قانون أوت 2017 كان هناك رأيين، الأول يعتبر أن ممارسة الجنس بالقوة بين الزوجين هو فعل مباح وله مُبررات في ذلك والرأي الثاني يعتبره جريمة تستوجب العقاب.
الرأي الأول: أسس موقفه على أن وجود الرابطة الزوجية تمنع من تتبع الزوج من أجل جريمة الفصل 227 من المجلة الجزائية اذا ما قام بمواقعة زوجته دون رضاها، لأن الوقائع في هاته الحالة تقع في نطاق الشرعية، وتبرير عقد الزواج لمواقعة الزوج زوجته ولو دون رضاها هي فكرة قديمة نجدها في التشريع الإسلامي الذي يعتبر أن “كل ما أحله الله لا ينقلب إلى الحرام أبدا”.
فالزواج مؤسسة نظمها القانون وضبط الحقوق والواجبات المنجرة عنها والقبول بالدخول في رابطة زوجية يعني حسب هذا الموقف القبول بالحقوق والواجبات المنجرة عنها، وبالتالي فإن الرضاء بالعلاقة الجنسية يصبح مفترضا بموجب الرضاء بالزواج.
كما اعتمد هذا الرأي على عدم توفر النية الإجرامية في جانب الزوج..
الرأي الثاني: اعتمد الصيغة الواسعة التي جاء بها الفصل 227 قديم من المجلة الجزائية، وقولهم في ذلك أن المشرّع التونسي لم يستثن من دائرة التجريم الصورة التي يكون فيها المعتدي زوجا للضحية ولو أراد ذلك لكان بصفة صريحة، فالاستثناء يجب أن يكون صريحا.
فالمشرع استعمل أسلوبا يتميز بالشمولية والعمومية، الأمر الذي يجعل العمل بهذا النص في عموميته.
وما يبرر هذا التوجه هو أن الزواج وإن كان يُعطي للزوج الحق في أن يجامع زوجته، إلا أن ذلك يجب أن يكون بطريقة بعيدة عن دائرة الاعتداءات الجنسية.
*بعد صدور قانون أوت 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، هذا القانون جاء ليحمي المرأة من العنف المسلط ضدها مهما كان مرتكبوه وأيا كان مجاله حسب الفصل الثاني منه.
وقد عرّف الفصل الثالث المقصود بالعنف الجنسي وهو “كل فعل أو قول يهدف مرتكبه إلى إخضاع المرأة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية باستخدام العنف والإكراه أو التغرير أو الضغط وغيرها من الوسائل.. وذلك بغض النظر عن علاقة الفاعل بالضحية”.
هذا القانون جاء بصفة صريحة ليعتبر “الاغتصاب بين الزوجين” جريمة يعاقب عليها القانون..