يُوسف الشرفي : غَوصٌ في عُلوم التراث الوطني…
ضيفنا من عائلة الشرفي وهو نسبٌ من أصولٍ أندلسية وبالتحديد من اقليم الشرف بالأندلس الذي عُرِفَ بحَجم ثقافة متأصلة وعَريقَةٍ وبِزَادٍ معَرفي جذّاب ومكانةٍ علمية متطورة…
لقد سجل التاريخُ عديدَ الأسماء الشرفية في تونس وخاصة في صفاقس تميّزوا في حقولٍ الأدبِ والثقافة والحقوق والعلوم بشتى مناهجِها…
لعلّ ميول ضيفنا الى الغَوصِ في علوم التراث الوطني خيرُ دليل في الارتباطِ بهذَا النسبِ المرموق…كنت أذكره في برنامجي الاذاعي الرمضاني “تحيّة رمضان”، أذكره كمقدّم لمحاضرات دينية في جوامع صفاقس، كيف لا وهو الامامُ الخطيب لمدة أربع عشرة سنة…هذا النشاط الديني أذكَتْهُ عدّة ميولاتٍ لعلّ أروعها تجربته في الانشاد الديني من مدائح وأذكارِ وسلامية…تعلّقه بهذا النشاط لا يقلُّ قيمةً من حبّه لممارسةِ الفلاحة التقليدية وخدمةِ الأرض وفاءً لمحبةِ الوالد وإرضَاءً الى هواية متجذرة في العائلة…
عرفت الرجل في بداية الثمانينات عندما زرت متحف العادات والتقاليد الشعبية المعروف بدار الجلولي لأستفسر حول بعض الأسرار التي تميزت بها شجرة الزيتون وأنا الذي أستعد وقتها لانجاز شريط وثائقي لفائدة التلفزة التونسية حول هذه الشجرة المباركة كلفني به المخرج التلفزي أبو بكر العش أمدّ الله في أنفاسه…
قرأت على محياه اللطف والوداعة والابتسامة البريئة والشخصية الجديّة في نفس الوقت كيف لا وهو من مواليد برج الميزان الذين يمتازون بهذه الصفات، في نفس الوقت أحسست من خطابه عمق المعرفة العلمية ومن سلوكه التشجيع والمساعدة، وشعرت وقتها بأن الرجل جدّيٌّ في أقواله وتصرفاته…
استهواني هذا المزاج ونلت تحقيق ما كنت أرغب فيه لتوظيف ذلك في شريطي الوثائقي…
مَرّت سنواتٌ وصادَفَ أن التقيتُه في أروقة اذاعة صفاقس، جاءَ لتلبية دعوة احتفال الاذاعة بذكرى انبعاثها…
توجهتُ الى الرّجُل لأبَادِرهُ بالسّلام بعدَ غياب طال وقد كان يومَهَا متميزًا بشَاشيةٍ قرمزِيّة، وجدته كما رَأيتُه أوّل مرة لطيفًا مُبتسِمًا، يتحدَّثُ بدون انقطاع وبكل حماس، وفي نظرتِه لمسةُ عشقٍ ومحبّة…
* مرحبا بكَ ضيفنا الكريم، سي يوسف الشرفي…
– أردّ التحيّة وأنا في شوقٍ للحديث لقراء شمس الجنوب، مجلة صفاقس العريقة، النابضة ثقافةً واعلامًا
* سألت ضيفي : بماذا تميزت فترةُ عملك المهني ؟
– في الحقيقة أنتمي الى السِلك الاداري ورغمَ ذلك كنتُ أقومُ بنشاطٍ علمي تَخصُّصِي يتمثلُ في :
1-فرز وتبويب وثائق تاريخية يرجع بعضها الى القرنين الثامن والتاسع عشر..
2-القيام بمهمة الدليل للمتحف
3-الاهتمام بمكتبة المتحف
4-المساهمة في اعداد معجم الكلمات والتقاليد الشعبية صحبة الأستاذ علي الزواري
5-مواصلة القيام بفهرسة العديد من الوثائق التاريخية (مواصل لعمل الشيخ محمد محفوظ رحمه الله)
* نشاطك الاعلامي خاصة منه الاذاعي كان محتشما في البداية، اذاعة صفاقس كانت تستشيرك أحيانا في مواضيع تهم التراث، العادات والتقاليد، ثم اصبحت تستجوبك وتستضيفك حتة أصبحت منتجًا، هذه مراحل مررت بها، هل من توضيح للسادة القرّاء
– هذا صحيح أستاذي، مراحلُ تسلقي سُلَّمَ الاعلام كان تدريجيًّا كما أشرت وهنا لابد أن أسجل حضوري الرسمي كمتعاون خارجي انطلاقا من سنة 1999 عندما شرعت في انتاج ثنائي لبرنامج “كلمات وأقوال” صحبة الأستاذ علي الزواري وذلك بإشارة من مدير اذاعة صفاقس في تلك الفترة الأستاذ عبد القادر عڤير ونحن نحتفل في تظاهرة جائزة الابداع الثقافي لبلدية صفاقس وبروتوكول توقيع معجم الكلمات والتقاليد الشعبية وهو بحث جدّي في ثمان مائة صفحة دام انجازه أكثر من عشر سنوات. بعد هذه القطرة الأولى توالت عناوين أخرى أذكر منها :وثائق، حديث الصباح، معالم واعلام، وبرامج رمضانية
* الى جانب انتاجك الخاص المسجل، دخلت ميدان البث المباشر مع العديد من المنتجين، أليس كذلك ؟
– صحيح، البث المباشر بدوره يتطلب اعدادًا مسبقا ولأن المستمع أصبح له حضورًا محترمًا وجب الاجتهاد والحضور الذهني والإلمام بالموضوع المقترح وهنا لابد أن أسجل مشاركتي مع العديد من المنتجين من بينهم قيس القارة، ثريا الميلادي، سماح الرنان وحاليا مع مهدي قاسم التي انطلقت تجربتي معه بدون انقطاع والحمد لله منذ سنة 2011.
* ذكرت قيس القارة، لك معه تجربة تلفزية، أعتقد أنها كانت ناجحة وشغلت اهتمام العديد من المشاهدين ؟
– ايه…(تنهيدة، حكّ شعر الرأس الأمامي، ثم ابتسامة لطيفة) هي والله تجربة حلوة، مفيدة وهادفة…(حكايات عمّ يوسف) مع قيس القارة في ثلاثين حلقة وقد وقع بثها على قناة القلم والتي نأسف لتوقف بثّها…
سبق لي أيضا أن شاركت الفنان عادل سلطان عبر قناة الزيتونة في انتاج رمضاني يَهتمّ بالقيم النبيلة مثل الوفاء والصدق والمحبة والاخلاص
* في خضم هذا العطاء السمعي والبصري كيف كان حضورك في مجال المكتوب ؟
– عديد من المؤلفات من بينها : الضمير المعاصر (تأملات ومطارحات)، جدلية الماء والضمأ، عادت ومعتقدات
*ماذا تقول أخيرًا لقراء شمس الجنوب ؟
– أنا سعيد وهم يتابعون صوتي من خلال الكلمة التي ساهم ستاذنا وصديقنا علي السقا في طرزها وحياكتها وتقديمها في شريط مكتوب، لهم مني أجمل الأماني وأعدهم بأني سأقدم لهم الاضافة على صفحات مجلتنا الغرّاء…