احتفلت صفاقس بذكراها منذ أيام … هل يتم ترسيم الحاجوجة ضمن التراث العالمي لليونسكو
تحتفل مدينة صفاقس كل سنة وتحديد في منتصف جانفي بذكرى الحاجوجة أو ذكرى انتصارها على النورمان المحتلين
ومن أجل ترسيخ و تأطير الاحتفالات الشعبية التي تقام بالمناسبة بعث ثلة من أبناء الجهة جمعية تحمل اسم جمعية مهرجان الحاجوجة بالشيحية ,وتمكنوا في وقت وجيز من تحقيق أهم أهداف الجمعية المتمثل في التعريف بالملحمة وتحويل أيام منتصف جانفي من كل سنة الى أيام احتفالية راسخة في أجندة عدد هام من المواطنين اضافة الى مسرحة حدث انتصار صفاقس ضمن مشهد احتفالي تتجلّى من خلاله محطات من تاريخ المدينة الملحمي وعناصر من تراثها المادي وغير المادي.وتنظيم ندوات فكرية للعودة إلى الحدث التاريخي في مختلف أبعاده وبيان قيمته في ذاكرة ساكني المدينة وما بقي منه في الموروث الشفوي. و تجميع عدد كبير من المواطنين يناهز السبعة آلاف في “ساحة الثقافة” وتنظيم حصص تذوق جماعية لأكلة الحاجوجة تقدّم في أطباق ضخمة
لمحة عن تاريخ ملحمة الحاجوجة وانتصار صفاقس على النورمان
احتل النرمان صفاقس سنة 1148 ميلادي بعد اعتقال القائد أبو الحسن الفرياني وأسره في جزيرة صقلية والسيطرة على المدينة وحكمها بقوة الحديد والنار وتجريد سكانها من كل ما يمكن توظيفه لمقاومتهم حتى أنهم منعوا استعمال السكاكين في المنازل وخصصوا واحدة في كل ركن من أركان المدينة يحرسها جندي ويتداول سكان المدينة على اسخدامها عند الحاجة
هذه الوحشية في التعامل مع الأهالي زادت في إرادة المقاومة لديهم فكان اجتماع الحامع الكبير بقيادة عمر الفرياني نقطة انطلاق الملحمة وابتكر رجال المقاومة الصفاقسية سلاحا يسمى “بالزاغة” وهو سكين مخبأ أسفل عكاز وشرعوا في صنع المائات منها وقاموا بإحصاء عدد المشاركين في المعركة الحاسمة بطلب حبات فول من البيوت يكون عددها حسب عدد القادرين فيها على حمل السلاح
ومن أجل تنفيذ الخطة اتصل عمر الفرياني بالقائد النورماندي وأقنعه بالموافقة على مشاركة سكان المدينة في احتفال رأس السنة العجمية الموافقة ل14 جانفي والمتزامنة مع دخول الليالي السود ونصف الشتاء وفي تلك الليلة خرج الصفاقسيون للسهر في باب الجبلي والتظاهر بمشاركة النورمان أفراحهم وعندما ظهر مفعول الخمر على الجنود المحتفلين انقضوا عليهم بسكاكينهم المخفية في العكاكيز التي كانوا يستعملونها في الرقص وأردوهم قتلى وبذلك تحقق النصر وتم تحرير صفاقس و لإحياء هذه الذكرى دأب سكان المدينة على اعداد ”“الرفيسة” وهي عبارة عن كسكسي مفور مع التمر والتوابل
تسجيل الحاجوجة ضمن التراث اللامادي الوطني
أعلن رئيس جمعية مهرجان الحاجوجة نور الدين بوقشة ان المعهد الوطني للتراث سجل الحاجوجة ضمن القائمة الوطنية للثراث اللامادي وان جمعيته ستعمل على دعم ملف تسجيل الحاجوجة ضمن التراث العالمي
وجاء في بطاقة الجرد الخاصة يالحاجوجة للمعهد الوطني للتراث أن الحاجوجة هي ليلة نصف الشتاء حسب التقويم الأعجمي بما يوافق الليلة الفاصلة بين 13 و 14 جانفي
وتقترن هذه الليلة في العرف التقليدي لعدد من متساكني مدينة صفاقس باجتماع” السبعة فصول”
وهي خروج “الليالي البيض” ودخول “الليالي السود” وخروج “اينار” ودخول “فرار” وانتهاء النصف الأول من الشتاء ورأس السنة الأعجمية. تتزامن هذه
الليلة مع ذكرى انتصار سكان صفاقس على نرمان صقلية الذين احتلوا المدينة
وتحتفل بالمناسبة عدد من عائلات مدينة صفاقس بطبخ الفول الذي يسمى طبق الحاجوجة. إحياء ذكرى الحاجوجة بطبخ الفول لأنّه الأداة التي اعتمدت لإحصاء
عدد القادرين على حمل السلاح في وجه العدو النرماني. وأصبح طبق الحاجوجة على مرّ القرون والأعوام طبق مناسباتي له صبغة احتفالية ورمز وحدة الجهة. وتواصل إلى اليوم هذا اللون من الطعام في الثقافة الغذائية لدى بعض العائلات من سكان صفاقس دلالة على معنى القدرة على المواجهة.
وقد ذكر هذا الاحتلال وما عقبه من انتصار ابن الأثير في الكامل والتجاني في رحلته ومقديش في نزهته
واصطبغت الأحداث التاريخية لهذه الملحمة بأبعاد الحكاية الشعبية وأصبحت منذ قرون خلت خرافة حملت أيضا اسم الحاجوجة” حفظتها الذاكرة الجمعية المحلية ويرويها الأجداد الى الأحفاد في ليلة نصف الشتاء. وبقي ذكراها الى اليوم متوارثا لدى بعض من كبار السن.
ملاحظة : الصور من الأرشيف