مدنين من 14 جانفي 2011 إلى 14 جانفي 2021… ماذا بقي ؟… وماذا تغير ؟!
14 جانفي من سنة 2011 انتهي حكم الرئيس زين العابدين بن علي ثان ريس للجمهورية التونسية والذي اخذ الحكم يوم 7 نوفمبر 1987 من اول رئيس للجمهورية التونسية الريس الحبيب بورقيبة .. وبعد 10 سنوات على تاريخ 14 جانفي 2011 نزل الاعلامي ميمون التونسي للشارع وطرح السؤال التالي ماذا بقي وماذا تغير منذ ذلك التاريخ بولاية مدنين فكانت الاجابات كالتالي:
والبداية مع الكاتب والناشط السياسي المختار الورغمي الذي افاد كانت مدنين يوم الرابع عشر من جانفي 2011 تتكون من شارع رئيسي هو شارع الحبيب بورقيبة وشارع مواز هو شارع منصور الهوش وبين الشارعين تنتشر بعض الادرات الجهوية وكذلك المكان المخصص للسوق الأسبوعية. مدينة رمادية بامتياز لا تختلف في شيء عن باقي مدن الداخل.
اليوم وبعد عشر سنوات من رحيل بن علي يمكن أن نتساءل وبجدية عن وجه المدينة الجديد؟ تغيرت أشياء كثيرة في مدنين حتى صرت بالكاد تعرفها.
أولا أصبح لمدنين 9 نواب بمجلس الشعب لا يغيبون لحظة عن مدينتهم ويتابعون كل مشاكلها ( بعضهم لا يعرف أحياءها ولا يدخلها إلا عند الحملات الانتخابية).
خلال هذه العشر سنوات انطلقت ماكينة انجاز المشاريع المعطلة فبعد ما كانت مدنين مكتفية بطريق السكة هاهي السكة تتجاوز مدنين لتصل جرجيس والدليل على ذلك هو إلغاء رحلة الوطنية المرتبطة بقطار قابس.
مدنين وبعدما اشتكت سنوات من تدهور القطاع الصحي تتحصل على كلية طب تخرجت منها دفعة ( البلاكة موجودة) وكذلك أصبح لديها مستشفى جامعي أيضا( البلاكة موجودة والله).
مدنين تخلصت نهائيا من ارتباط لقمة عيش سكانها بمعبر رأس جدير بفضل المشاريع العملاقة التي أنجزت خلال عشر سنوات مثل مشروع الطريق السيارة الذي يسير بسرعة السلحفاة وكذلك مشروع قنطرة الجرف/ أجيم الذي تحول إلى مسلسل مكسيكي هو الآخر ويبدو أنه لن يرى النور.
في القطاع الثقافي لازالت سينما الحرية تعاند الزمن لتثبت أنها كانت يوما قاعة سينما ولكنها توشك على الانهيار وحالها لا يختلف عن حال دور الثقافة التي تحولت إلى بنايات بدون هوية ربما نحن اليوم لا نحتاج ثقافة قلت ربما. مدنين كانت وستظل مجرد خزان انتخابي يتذكره الحاكمون كل خمس سنوات ولن يتغير حالها ما لم يتغير أهلها.
اما انيس سعده معلم وناشط بالمجتمع المدني فكان تصريحه كما يلي عشرسنين مرت عن تاريخ مميز في تونس معلنا عصرا سياسيا جديدا في المنطقة العربية ،سنين ساهمت بها من عمري خدمة لمدينتي مدنين محاولا خلق تغيير مجتمعي شبابي في بيئة محافظة مفتقرة لعديد الفرص ، و يمثل ذكرى عيد الثورة موعدا سنويا لتقييم المنجز على المستوى المحلي ، فالمتأمل لهذه السنين العشر يلاحظ تراجعا كبيرا البنية التحتية ، ارتفاعا في بالبطالة و ارتفاعا في ظاهرة الهجرة لدى الشباب و عديدة هي الظواهر و الازمات المتتابعة خلال هذه السنين، لكن رغم كل هاته الازمات و الاحباط و انعدام الثقة في مؤسسات الدولة يبقى العديد من النقاط الايجابية المسجلة اهمها حرية التعبير و التنظم الذي يعد مكسبا لا تراجع عنه مهما تجددت محاولات الالتفاف ، محاولات العمل التشاركي القطاعية و محاولات تنموية منعزلة ظرفية …
مدنين لم تستفد من الثورة التونسية لان ثورة العقول لم تكتمل فيها فكيف لمدينة ان تعجز عن حل لمشكل بيئي يهددها منذ عقود و لازال …و يبقى الأمل منشودا في مستقبل أفضل لمدنين لما تكتسبه من ثروات طبيعية و موقع جغرافي متميز على أمل ان تجد بوصلتها نحو إفريقيا .اما المنجي هلال نقابي صرح بما يلي شأنهم شأن كلّ أبناء القطر ،ثار أبناء الجهة ، من أجل الحرّيّة والكرامة .
اليوم ، بعد عشر سنوات ، ماذا تحقّق من ذلك ؟تحرّر المواطن من عقدة الضّغط والرّهبة ، أصبح هو من يختار حكّامه ومسيّري البلد ، أصبح أمر التّنظّم والنّشاط الجمعيّاتي يسيرا ، ارتفع منسوب الوعي عند كثير من مكوّنات المجتمع المدني بالجهة و الصّور الّتي تداولتها صفحات التّواصل ، خلال الكوفيد العام الماضي تعكس ذلك . لكن تبقى الدّولة هي حلقة الوهن ومصدر بؤس الجهة .
فالقطاع الصّحّي انهار إلى ما تحت الكارثة ، لا تجهيزات ولا إطارات ، التّعليم العمومي في انهيار متواصل بنية مهترئة في عديد المؤسّسات ، مدرّسون متعاقدون بدون خلاص منذ السّنة الفارطة ، .آخرون معتصمون منذ بداية العام ، مؤسّسات بدون عملة ،أخرى بدون ماء والوباء يترصّد من كلّ جهة
بزغ أمل خلال السّنوات الأخيرة للنّهوض من خلال المشروع الصّيني لكن يبدو أنّ لوبيّات الدّولة حوّلت وجهته وبقينا نتغذّى من الأوهام. الطّريق السّيّارة انتظرناها عقودا ويبدو أنّ الجهة سنتنظر لعقود أخرى ..السّكّة الحديديّة وكلّيّة الطّبّ ملفّان ينفض عنهما حكّامنا الغبار مرّة كلّ خمس سنوات أثناء الحملة الانتخابيّة ..رغم وهن الدّولة وبؤس الوضع بالجهة فما زال الأمل قويّا لتكون لنا دولة قويّة تبعث الحياة في الجهة مادام الشّعب اكتسب حقّ اختيار حكّامه .
وننهي هذه التصريحات مع رياض البوبكري ناشط في المجتمع المدني الذي افاد لا يحتاج تقييم مكتسبات الثورة في عشر سنوات تعدادا ولا احصاء فحجم الكارثة بيّن ومنسوب الفشل جليّ . ولاية مدنين في عشرة سنوات من الثورة مرآة لفشل منظومة الحكم وانعكاس طبيعي لطبقة سياسية قضّت وقتها في التطاحن والصراع الايديولوجي المقيت ..
المحصّلة ضحك على الذقون واستبلاه للعقول بطريق سيارة تلازم عجزها وكلية طب لم ينجز منها الا الحجر الاساس وقاعة رياضة عملاقة خربت قبل ان تقع استغلالها ومسالخ تعاقر القذارة وتغدق على المستهلك حمم البكتيريا والجراثيم ودور ثقافة بين مغلقة مهجورة أو آيلة للسقوط والاندثار .. مشاريع معطّلة وشباب يعاني الأمرّين من بيروقراطية تتمسّك بحقها في الوجود رغم الهيئات والمخططات والاستراتيجيات والتشاركيات المزعومة ..
مدنين الثورة ؛ بيئة مهمومة وبنية معدومة وساكنة مهمومة وفقر مضاعف وطبقة وسطى مترنحة وتهريب وغلاء فاحش وشباب عاكش ( بالمعنيين قلّ خيره وحزم الرحيل.مدنين ايضا 10 سنوات من الهرج والمرح وقلة الخرج ،نواب تفيض بصور تنقلاتهم وزياراتهم وستاتواتهم الانصات واسابيع الجهات والمواكبات لتقدم الوهم المسوق والكذب المزوق مما جادت به مشاريع التنمية الوهمية التي لم تجد بغير الفتات.بين 2011/2021 رقم العشرات تغير ،رحل 1 وحل 2 اصبح ضعفتا ضعفان وفقران وياسنا ادمان على حد تعبير رياض البوبكري.