العدالة الدولية مبدأ أم مُسمى ؟؟
الكاتبة الحقوقية رحمة زهير العزة
منذ نشأة الأمم المتحدة و المنظمات التابعة لها و الأجهزة العاملة تحت مظلتها وكل العهود و المواثيق التي تؤكد على إحترام حقوق الإنسان و المرأه و الطفل و حرية التعبير و تلقي المعلومات , و منع الحروب و العمل من الأجل الحل السلمي و محاربة الفساد و المساواة في الحقوق و الواجبات , و التأكيد على إنشاء مؤسسات مجتمع مدني و مؤسسات غير حكومية من أجل العمل على تثبيت رواسخ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المعاهدات المنوطة بإحترام الشعوب و الحريات وحق الشعب في تقرير مصيره و إحقاق العدالة الدولية و المجتمعية .
والى هنا نقف حائرين ما بين المعاهدات و الإتفاقيات من جهة و المشهد الفعلي لتطبيقاته من جهة أخرى , فإذا بدأنا بالحروب من حرب العراق الأولى و الثانية الى الربيع العربي ثم الحرب على سوريا و مروراً الى بالحرب اليمنية ونهايته بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في عهد ترامب وهذا كله فقط في الشرق الأوسط ولا ننسى الحصار العربي على قطر الذي إنتهى بصلح سلمي و بشروط مخفية بين الأطراف و ذلك أيضا بحضور مستشار ترامب لهذا الصلح الذي ليس له داعي أصلاً , و دولة السودان سلة الغذاء العالمي و شعبها الفقير المحروم من خيرات أرضه و النزاعات السلطوية بحروب أهلية و عسكرية و التطبيع مع إسرائيل , و فقدان الأمن في المغرب العربي و المظاهرات و الإحتجاجات للمطالبة بحقوق هي أصلا مكتسبة وليست ممنوحه عطفاً و كرماً من أنظمتهم , الى أن نصل الى الأردن و مشاكل المعلمين و حقوقهم و الضغط الدولي على الأردن للإعتراف بالتطبيع و المشاكل الإقتصادية التي تهدد بفقر الشعب الأردني و إختفاء الطبقة الوسطى التي هي عمدان وجود الدولة الأردنية و حمايتها من التدهور الإجتماعي المخطط له مسبقاً من البعض داخلياً و خارجياً .
ومن ثم نسرد المشهد الدولي الذي يتكهن بحرب عالمية ثالثة بين الدول الرأسمالية و الإشتراكية بجنودٍ عربية ككبش فداء لصالح عصابات داخلية و خارجية مجهولة الهوية و مطموسةٌ جغرافياً , تُحرك الأنظمة و الشعوب و الأفكار و التوجهات وحتى الأديان لصالحها و الخافي أعظم . بدءاً بالعقوبات الدولية على كوريا الشمالية و إيران و تصعيداً بحرب البيانات ما بين أمريكا و الصين للهيمنه على الأسرار و المعلومات الخاصة بالأفراد في العالم ككل , و سبقتها بقليل الحرب الباردة ما بين رأسمالية أمريكا و إشتراكية روسيا في الإثبات الفعلي للسيطرة على الشرق الأوسط التعيس من خلال الأزمة السورية , و الحرب على اليمن و المناورات العسكرية ما بين إسرائيل و حزب الله في لبنان , و هذا كله تحت مظلة الإستنزاف لطاقات الشعوب و أحلامهم و آمالهم و علمهم لتحقيق المشروع الأكبر في السيطره على العالم و إتباعهم كخراف في طريق مجهول .
ففي الإسترجاع الفكري و القانوني و التشريعي للإتفاقيات الدولية حول فقط و ضمن إيطار الأمن و السلم الدوليين و نزع السلاح وفق ميثاق الأمم المتحدة الفصل السادس في حل النزاعات حلا سلمياً في المادة ( 33) التي تنص على :
1- يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها.
2- ويدعو مجلس الأمن أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهم من النزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة ذلك.
أما المادة (34)
لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي.
و المادة (37)
1- إذا أخفقت الدول التي يقوم بينها نزاع من النوع المشار إليه في المادة 33 في حله بالوسائل المبينة في تلك المادة وجب عليها أن تعرضه على مجلس الأمن.
2- إذا رأى مجلس الأمن أن استمرار هذا النزاع من شأنه في الواقع، أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي قرر ما إذا كان يقوم بعمل وفقاً للمادة 36 أو يوصي بما يراه ملائماً من شروط حل النزاع.
والى هنا ننظر مع كل هذه الحروب و التوترات الدوليه و التصعيدات اللامتناهية بشن العدوان و التهديد النووي و القتلى المنتشرين في طرقات العالم العربي خصيصاً , ألا يستدعي تدخل مجلس الأمن ؟ أو ألا يستطيع مجلس الأمن أن يُدخِل الحل السلمي من الوساطة و التحكيم وغيره لحل النزاع الدولي أما أن هذا النزاعات لا يرتقي لمستوى الأمن و السلم الدولي ؟ و إستمرار الحروب الداخلية و الدوليه لعدة سنوات متتالية دون أن يتم إصدار قرار لوقف النزاع ألا يُعَرِض الأمن و السلم الدوليين للخطر أم أنه لا يعد إحتكاك ولا يوجد نزاع أصلاً ؟ الوجوب المقرر في المادة (37) و الفصل السابع من نفس الميثاق الذي هو بمعرض الإلزام و المسؤولية الدولية لماذا لا تُفعّل هذه الكلمة أو تنفذ لوقف النزاعات الحالية مع التأكيد أن لمجلس الأمن الحق في التدخل دون إذن من الدول المتنازعة , و رغم ذلك لا تَدَخُل ولا توصية إلزامية من قبلهم ؟ , وهذا كله فقط في السلم الدولي ولكن ماذا عن الفساد ؟؟ أليس للفساد دور أيضا في تهديد الأمن الداخلي ومن ثم الخارجي ؟ ففي نشر الفقر و البطالة و المحسوبية و الجهل يَخلق شعب غوغائي ومخرب يستبيح المال و العرض و الأمن وحتى النظام , بإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام31/ اكتوبر / 2003 بقرار رقم 58/4 حيث المادة ( 1) نصت بالمجمل على أن أهداف هذه الإتفاقية : أن يكون هنالك تدابير تتخذ لمحاربة الفساد و أن يكون هنالك تعاون دولي على ذلك و تعزيز النزاهة و الشفافية للشؤون العمومية و ممتلكاتها , أما المادة (3) تحدثت عن الملاحقة و التحري و إسترجاع الأموال المنقولة وغير المنقولة التي أُخذت تحت طائلة الفساد و إن لم تلحق ضرراً بالدولة أو شعبها ففخامة الجُرم تكفي , والمادة (6) التي أكدت على ضرورة وجود هيئات داخلية لمكافحة الفساد كإجراء رقابي و وقائي .
فكل بنود هذه الإتفاقيات تحترم وهي في منتهى من المنطقية و الموضوعية , ولكن أين التطبيق الفعلي لها ؟؟؟؟؟؟ فالفساد في كل الدول من الصغير الى الكبير و الاموال في بنوك سويسرا ومنها ما هو مخبأ أو أصبحت منقولات بإسم عائلات الفاسد و أحبابه , فأين هي مكافحة الفساد ؟ و أين الأموال التي سُربت خارج بلادنا العربية ؟ و أين هذه الهيئات عن هذا الفساد ؟
فأنا أرى أنه ليس كل ما يكتب في نظام أو إتفاق أو معاهدة أو حتى بروتوكول هو مطبق فعلياً , إنما هو مسكن ألمٍ لجروح الشعوب في العالم المُنسال دمائُها في طرقات الحروب و الفساد وهذا فقط تحت حق العيش بحرية و أمن و عدالة دولية و مجتمعية , ومازلنا نقول الحمد الله على الأمن و الأمان و العدل و الإحقاق وهو أصلا ليس موجود , تأملوا الذي حولكم و سيدركُ نقي القلب منكم ما تطويه هذه الإجتماعات و العدالة من أسرار , فليس كل ما تراه العين مقدس .