حــب الرئاســــــــة
كان الأطفال يجتمعون فيلعبون، ومن لعبهم لعبة (أنا بوكم يا لولاد) فلماذا اختاروا هذه اللعبة ؟ أليس لأنهم وجدوا في الأبوّة الحكم والتحكم والسلطة والتسلّط والكلمة العليا ؟ أليس لأنهم لم يفهموا من الأبوّة غير الأنا والأنانية وهذه في الانسان مكتوبة ومسطورة ؟
ذاك بداية الطريق في حبّ الانسان للرئاسة وهو يكبر وينخرط في مجتمعه فيجد الجمعيات، وفي الجمعيات رئاسة وحكم وتحكم وسلطة وتسلط، فيمدّ الانسان يد شبابه الى الجمعيات، الى الرئاسة حتى اذا اصطادها رفض أن يسلّم فيها.
ومن الجمعيات يخطو في الطريق فيصل الى الحكم..الى رئاسة الدولة فيحبّها ويهواها ويمني النفس بالوصول إليها والجلوس على كرسيّها..فإذا جلس ارتاح عليها واستأسد وكأنه في غابة، وهل يتخلى أسد في الغابة عن ملك الغابة ؟ لذلك يقرّر البقاء في الرئاسة بكل طرق، ومن الطرق طريق سار فيه بورڤيبة ثمّ سار فيه بن علي لمّا تسلّط كل واحد منهما على شعب فيه الخوف، وفيه الضعف، وفيه الطمع، وفيه النفاق.
لذلك وللخوف من وقوع ذلك، من وقوع التشبت بالرئاسة تدخل الحكماء فاخترعوا الديمقراطية وجعلوا للرئاسة قيودًا بدستور، وأنطقوا الدستور فقال : للرئاسة عمر محدود..الرئاسة حكم فيه التداول على السلطة..
وجاءت الشعوب المتقدّمة حضارة ومدنيّة فقبلت هذا ورحّبت به…وصار العالم الانساني بشعوبه ودوله يرى الرئاسة تنقل من واحد لواحد ولاحَقَّ لواحد أن يتشبث بها.
وهكذا كان العالم يرى الرئاسة في أمريكا تنقل من واحد لواحد ولا يتمسّك بها واحد ويقول : أنا الرئيس الى الأبد، أنا بوكم يا لولاد.
حتى جاء (ترمب)..جاء عن طريق الانتخاب والديمقراطية، فما جلس على كرسيّ الرئاسة أربع سنوات حتى حلا له الكرسي..حتى استراح على الكرسيّ..حتى استطعم واستأسد وتصوّر أنه أسد يقود وحوشا ويتحكم في وحوش في غابة..لذلك زأر وقال : أنا الرئيس بعد أربع سنوات لأربع سنوات أخرى..(واللي يقول بروحو يتقدّم)هكذا صار يتكلم بلغة الباندية. لماذا؟ وكيف حدث ويحدث هذا من أمريكي في أمريكا بلد المدنية والحضارة ؟
لقد حدث مثل هذا في دول متخلفة فهل نقول : إن ترامب أصابه فيروس التخلّف كما أصاب العالم فيروس كورونا ؟ أم نقول : إن ترمب صاحب المليارات والضيعات والعمارات والشركات وجد في كرسي الرئاسة الأمريكية ما لا يوجد في أي كرسيّ آخر..وجد القدرة على أن يصول ويجول في العالم، ويفرض كلمته على عدد من شعوب العالم هي في دنيا العرب موجودة، ووجد نفسه يتحكم في ثروات العالم ويلعب بها ويقامر..والمقامر لا يتخلّى عن لذة كرسي المقامرة..
والحديث عن رئاسة ترمب يطول..ولكن أضع نقطة وأقول : أعطني عقلك
قالوا : أسرع الناس الى الشغب والتمرّد من أُقصوا عن الرئاسة وهم فيها دائما وأبدا طامعون