يوم عالمي للتعليم … في عالم لا ثقافة فيه !
الكاتبة الحقوقية رحمه زهير العزة
نحتفل في يوم 24 كانون الثاني من كل عام باليوم العالمي للتعليم وذلك بقرار صار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 كانون الأول / ديسمبر بموجب القرار 73/25 , وذلك للتأكيد على دور التعليم في بناء المجتمعات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة , و أن إرتقاء الشعوب يبدأ بالعلم و المعرفة و الإكتشاف و الإلمام الثقافي بما هو جديد ومتطور , لذلك تسعى شعوب العالم نحو التعلم و التعليم و إكتساب الخبرات و المهارات لزيادة قدرتها على الإنخراط في سوق العمل و بناء مستقبل لأفرادها في شتى المجالات , كما سعت حكومات العالم نحو التعليم المجان و برامج محو الأمية على مدار سنين قد تصل لأكثر من ثلاثون عاماً الى أن نصل الى هذا المستوى من المعرفة الأكاديمية التي تغطي جميع شرائح الشعب بنسبة كبيرة في الدولة الواحدة .
ومن هنا نستعرض النقطة الجوهرية لكتابة هذا المقال و التي هي حصر المتعلمين في مناهجهم الأكاديمية و إفقادهم الثقافة المعرفية , وكأن المناهج المدرسية و الجامعية تجعل أفرادها في قالب فكري واحد وهو محور إختصاصه , و إن أراد أن يخرج من هذا القالب فهو فقط لغايات كسب خبرات معينة في محورعمله و إتمام الدراسات العليا من أجل تحسين دخله المعيشي , كما أنه يقف به الزمان عند رسالة الدكتوراه و يتممها دون تجديد في علمه إلا في نطاق إختصاصه لغايات البحث العلمي و المنهجي , فأصبحنا من أجيال عالمة و صانعه للعلم النووي و الطبي و الفيزيائي و الكيميائي و القانوني و الأدبي الى متلقيين لهذا العلم دون زيادة أو نقصان أو بحث فيه للتأكد من مدى صحته لأن الإنسان وإن كان عالماً فقد يخطئ في علمه وهذا وارد جدا في العلوم بأنواعها , و أن الدول المتطورة تنكولوجياً تبحث على من لديه الخبرات التقنيه لزيادة قوتها الرقمية و إدخال نفسها في الحروب التقنية الواقعه بين الدول الإشتراكية و الرأسمالية للسيطرة على بيانات العالم , و بالتالي ركزت على إختصاص واحد و أهملت باقي التخصصات حتى أنه تنبأ البعض بإختفاء التخصصات الأدبية و بعض العلمية خلال السنوات القادمة و أن البطالة ستبدأ من هذه التخصصات و بالتالي رجعنا الى الصفر .
و أرى من وجهة نظري – وهذا الطرح فقط بين العلم العربي و الغربي – أن علمنا الذي نسعى من أجله هو لهدف معين شخصي أو حتى حربي لصالح دول ما , ويبقى الإنسان تائهاً ما بين لقمة عيشه و مبادئه و بين تعاونه بعلمه الأكاديمي مع دول مغايرة لأهداف الرسالة السامية للعلم و التي يستغل فيها للقضاء على دولنا العربية , ولا نستطيع أن نلومه على ذلك ” المال و البنون زينة الحياة الدنيا ” فأصبحنا من دول رائدة في مجال العلم الى دول متلقية للعلم ولا نعلم أصلا مدى حقيقة هذا العلم صحةً و بطلاناً وكأن الأجيال تُجهزُ عقولها لتحقيق رسالة ما في مكان ما لأفراد ما في زمن ما , و أنا على علمٍ تام أن هنالك من سيبخس من قيمة هذا الكلام و لكني متأكدة أنه سيبقى في العقول الى اليوم الموعود , فإذا نظرنا الى التقدم العلمي و التقني لدول الغرب سنراهم قاطعين أشواطاً كبيرة بالمقارنة بالعلم الذي نتحصل عليه في كتبنا , فلا نعلم هل التقدم هذا بسبب إختلاف الحكومات بين العالم العربي و الغربي أم إختلاف أدمغة و علم أم أن الفرص التي تقدم عند الغرب هي أهم و أقوى من التي نتحصل عليها في العالم العربي ؟
ومن هنا أُؤَكد أن إختلاف التقدم و التطور بين دولنا و دولهم هو بسبب حث طلابهم على التعلم خارج الصندوق وليس فقط التفكير خارجه , فالثقافة التي تكون متاحة في دولهم مجاناً هي تكون في دولناً بمقابل مادي أي المتاجرة بالثقافة بالإضافة الى العلم , و الرسالة السامية للعلم التي هي نابعه من التثقيف الأدبي و العلمي أصبحت ملقاة على أزقة سياسات دولنا العربية التي همها أن تأخد ولا تعطي , و كل مبادرة تقام في بلادنا العربية مجاناً هي من شباب يافعين آمنوا بأن العلم سبيل الخلاص , ومع ذلك يُجْهز على أدمغتنا لنكون دائما متأخرين عن غيرنا .
ونهايةً فإن العلم والتعلم مهم فهو حجر الأساس للتقدم , ولكن الوقوف عند هدف ما هو إلا قمة الفشل لأن النجاح يكون بجمع العلم و القراءة و البحث خارج نطاق العمل فقلة من هم يبحثون خارج الصندوق و خارج ما تم تقديمه لهم , فِهمك لواقع الأمور يبدأ بالثقافة و التثقيف و ليس بحصولك على شهادات معينة في مجال ما , فالكثير من لديه تحصيلات علمية ولكن في الثقافة المعرفية و الحياتية و الأخلاقية صفراً على اليسار .