في ذكرى وفاة المربي الشيخ الزيتوني حمودة المهيري
في ذكرى وفاة المربي الشيخ الزيتوني حمودة المهيري
20 أفريل 1926/ 5 أفريل 2021
5 أفريل في مثل هذا اليوم من عام 2021 غادر هذه الدنيا المرحوم حمودة المهيري، الذي كان رأى النور في 20 افريل 1926 بنهج باب الجديد عدد 19 (القصبة) بالمدينة العتيقة بصفاقس. وقد أحيى أبناؤه نبيل ورفيق ونصاف وليلى ذكراه الأولى، في 21 ماي 2022 ببرج القلال، في كثير من التأثر السكينة والوقار.
تقول سيرته إنه تعلم بزاوية الحاج خليفة الطياري، مقر جمعية القران الكريم والمحافظة على الأخلاق الفاضلة اليوم، ثم تعلمّ بالمدرسة الابتدائية العليا، وبالتعليم الزيتوني (بالحي الزيتوني بصفاقس، وبجامع الزيتونة المعمور بالعاصمة) وتخرّج معلّما بالمدارس القرآنية ثم بالمدارس الفرنكو-عربية. كان يجيد العربية والفرنسية، وانخرط فيما يعرف اليوم “بالمجتمع المدني” بتأسيس جمعية مكتبة التلميذ الزيتوني، وانتمى إلي عضوية الهيئة المديرة للاتحاد الجهوي للمكفوفين. قضّى من عمره 27 سنة في إدارة مدرسة النيقرو بطريق الافران، مدرسة شقرون لاحقا نسبة إلى صاحب الأرض التي حبسها على التعليم والماء، وقبل ذلك درّس بمدرسة البنات بنهج العدول ثم بمدرسة أنطول فرنس. صعد المنبر لمدة 13 سنة لإمامة الجمعة بجامع القصّاص(طريق منزل شاكر كلم 4)
الشيخ حمودة المهيري كرّس حياته للقيم والأخلاق، بدا في حياته طموحا يورث العلم لمن حوله من التلاميذ، كما ظهر نموذجا إنسانيا بامتياز، كاشفا عن مثاليته كزوج وكأب. لهذا قّرّرت أرملته وأبناؤه تخليد ذكراه وأعماله ورحلة كفاحه في “كتيّب” الحقيقة بسيط ومتواضع، وقدّ بطريقة تقليدية، ولكن ميزته أنه جمع كلّ وثائق الشيخ حمودة المهيري وأهمها “قصة حياته بخط يده منذ ولادته سنة 1926… إضافة إلى بعض الشهادات من زملائه وأصدقائه ومن تلامذته، كما ضمّ جملة النصوص التي كتبت عنه (الشيوخ، الشاعر محمد الشعبوني، محسن الحبيب، محمد الحبيب السلامي، أحمد بوشحيمة، محمد العزيز الساحلي، الحبيب المعلول ..)
واللاّفت للانتباه أن قلم الشيخ حمودة المهيري لم يهدأ، وأصدر العديد من الكتب بشكل غزير: مجموعات قصصية للصغار(67 قصة) وكتب مدرسية( 7) وكتب دينية(19) ومجلة مدرسية بعنوان “أضواء”. كما أشرف، باعتباره رئيس لجنة صوت المنبر، على أربع طبعات من كتاب صوت المنبر وزّع مجانا، وهو مرجع لخطباء الجمعة لعديد الأئمة بصفاقس، وهذه عادة درج عليها الكثير، منهم الشيخ محمد المختار السلامي، الذي جمع خطبه الجمعية وأصدرها. وبقيت هذه المؤلفات على غرار أغلب ما يصدر في مدينتنا لا يخضع للقراءات النقدية.
والحصيلة احتمى الشيخ حمودة المهيري بإرثه الزيتوني التقليدي فكان من أعضاء الهيئة المديرة بصفاقس لفرع جمعية قدماء جامع الزيتونة وأحبائه التي “تعمل على الحفاظ على مقومات الثقافة الزيتونية، والتعاون لإعادة التعليم الزيتوني، والعمل على تطويره ليكون في خدمة المسلمين في العالم”. في حين كشفت شخصيات زيتونية أخرى عن فلسفة مغايرة في الحياة، على غرار المربي والمناضل محمد بكور، والصحفي الإذاعي عبد العزيز عشيش، ومثله أحمد العموري…. وكلّهم من خريجي جامع الزيتونة.
ويغمرنا الإعجاب حقيقة بما كان يقوم به المرحوم حمودة المهيري من تشجيع للتلاميذ على الجدّ والاجتهاد، وعلى تطوّعه من تلقاء نفسه لتدريبهم في دروس تطبيقية مجانية، على حسن صياغة الانشاء. وسيظل ذكره في مدينته دون أن ينسى بعد ان ترك فراغا كبيرا لدى أفراد عائلته وأصدقائه وتلامذته وقرائه.