مدنين / التسول …ظاهرة متفشية ..من أبناء الجهة …من خارج الولاية ….وحتى من خارج …أرض الوطن ؟؟!
تعيش مختلف معتمديات ولاية مدنين على ظاهرة التسول ،ظاهرة تواجدت منذ عديد السنوات الماضية ليقل عدد المتسولين في بعض الاحيان ويرتفع العدد في مناسبات اخرى ،الاعلامي ميمون التونسي جمع عدد من الاراء حول هذه المسألة فتعددت الاراء والمواقف والبداية كانت مع الأخصائية الاجتماعية نسرين لعماري فكان لها هذا الراي.
حسب رأي ظاهرة التسول بولاية مدنين بمختلف جهاتها ، أصبحت ملفتة للنظر في الآونة الأخيرة ، كالورم اللصيق بالجسد و لا يريد التعافى من صاحبه ، خاصة أمام التضاعف اليومي لعدد المتسولين بمختلف أعمارهم ، أجناسهم (ذكورا أو إناثا ) و جنسياتهم و أعراقهم ( لاجئين ، تونسيون من داخل الولاية أو خارجها… ) ، حيث أصبح من المألوف أن تجد في كل ممّر ، شارع ، مقهى ، مكان عمومي ، جامع ،أمام أو داخل المحلات التجارية ، في الأسواق الأسبوعية ، محطات الانتظار( يطلب منك أن تكمل له ثمن تذكرة السفر ) ، في وسائل النقل ، و أنت تهم بأن تقطع طريقك من يمد يده طالبا الصدقة ” بجاه ربي حويجة لله خوك من بارح مكليت شيء”… أقاويل ترتاد على مسامعنا يوميا، حيث بات التحيّل على المارة و استغلال و استعطاف ذواتهم فنّا يتقنه المتسولون حسب المكان والزمان الذي يتواجد فيه وهو ما جعل المواطن اليوم في حيرة وترّدد من أمره أمام نوعان: محتاجون يعيشون وضعيات إجتماعية هشة وصعبة أم ممتهنون للتسول لضمان لقمة عيش سهلة ، خاصة و أن الصورة النمطية التقليدية للمتسول قديما و المتعارف عليها كانت تختزل في صورة إمراة طاعنة في السن و في حضنها طفل يرتديان ثياب بالية تحاكي ما فعله الزمان بهما تطلب يد المساعدة و تستعطف المارة أو مسّن أفترش الأرض و جعلها مسكنا له يرتعش من البرد و الجوع ،أو كهل مقعد على كرسي متحرك بالكاد يتحدث …
فبرغم من أن البعض يلتجأ للتسول برغم من توافر فرص العمل و القدرة عليه إلا أنّه يفضل التظاهر بالمرض أو استعطاف قلوب المارة لشراء الأدوية و غيرها … لنيل نصيب من صدقة المارة وأمام هذه المشاهد الجديدة و المستجدة أصبح القائم بالصدقة أو من يرغب بالتصدق يبحث من خلال جيرانه ، زملائه ، أقاربه من هم بحاجة للمساعدة فعلا لتمكينه من ذلك أو التصدق للاجئين(سوريا ، سودان ،…) القاطنين بالمدينة و أحوازها بتعلة أنهم في بلد غير بلدهم وهم فعلا بحاجة للمساعدة، فباعتبار أن ولاية مدنين منطقة حدودية تزخر بعدد لابأس به من اللاجئين و طالبي اللجوء والمهاجرين من مختلف البلدان الذين استوطنوا المدينة بحثا عن الأمن و الأمان هروبا من الحرب في بلدانهم أو البحث عن فرص عيش أفضل فأمام تكفل بعض المنظمات بالجهة بهذه الفئة إلا أنه أمام تضخم عددهم و الحاجة ترمي بهم للشارع لطلب يد المساعدة أو يتم إستغلالهم داخل شبكات التسول المنظمة لكسب القليل المال حتى يضمنوا إستقرارهم على حد تعبير نسرين .
فظاهرة التسول بحسب محدثتنا أصبحت معضلة حقيقة تنخر مجتمعنا رويدا رويدا فبرغم من أنها تحط من كرامة الفرد إلا أن منتهجها جعل منها عادة محببة في كل مكان بإعتبرها أسرع وسيلة لسدّ إحتياجاته الضرورية منها أو غير الضرورية ، لذلك لابد من أن تتضافر فيها جهود الدولة بمختلف هياكلها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني لمزيد التوقي لمثل هذه الظواهر الغير حميدة وتكثيف تنظيم حملات المراقبة و التحسيس و التوعية إلى جانب مزيد تقديم خدمات الرعاية و العناية بضعاف الحال ومِنْ مَنْ يعشون ظروف إجتماعية صعبة خاصة أمام غلاء المعيشة اليوم وتردي الوضع الإقصادي و خاصة في ظل غياب بعض المواد الغذائية الأساسية.
لذلك لابد من العمل على إحتواء الظاهرة و العمل على التخفيف منها لإن استفحالها أضحى يمثل كارثة حقيقية تترتب عنها عدة ظواهر إجتماعية أخرى و سلوكات محفوفة بالمخاطر خاصة في صفوف الأطفال و الشباب( كالتعرض للعنف أو إستخدام العنف ، استغلالهم في شبكات بيع و تعاطي المخدرات ، السرقة …الخ ) و اعتماد مقاربة اجتماعية و أمنية شاملة و ردعية.
أما مصباح السالمي مهتم بالشأن العام امدنا بهذا الرأي ، التسول في ولاية مدنين لا يتطور فقط بسبب الفقر الناجم عن الازمة الاقتصادية و إنما بسبب عوامل خارجية سببها الوافدين من دول أجنبية افريقية و عربية و من باقي الولايات و جزء هام منهم احترف التسول كمهنة يجني منها دخل وفير دون مشقة أو تعب و قلة بسبب ضيق ذات اليد و خاصة من الوافدين من دول جنوب الصحراء و الذين رفضت مطلبهم في الحصول على بطاقة لاجىء من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
محدثنا افاد ايضا الى تتعدد مظاهر التسول و اسبابه مع ملاحظة تطور تنظيمه ليصبح في شكل مجموعات أسوأ ما فيها استعمال الأطفال في التسول بما يعنيه من سوء معاملة تشكل جريمة في حق الطفولة لا تلاقي أي شكل من اشكال الحماية للطفل و الردع لمن يستغله من طرف المؤسسات المفوضة في ذلك ….و يبقى المطلوب الردع لكل من ثبت احترافه للتسول باستعمال الاطفال أو دون ذلك عى حد تعبير مصباح السالمي .
وننهي هذه الشهادات مع هذا التصريح مع زهير بن تردليت الأستاذ الجامعي الذي كان له الرأي.
تفشت ظاهرة التسول في مختلف مدن ولاية مدنين ولم تعد تقتصر على كبريات المدن كمدنين وجربة وجرجيس …ولا على شرائح معينة كالعجائز والشيوخ بل أصبحت المرأة الشابة والطفل اليافع يتسولون ويدخلون المقاهي والمطاعم لطلب المعونة بمختلف أشكالها بدء بالطعام إلى طلب ثمن دواء أو مقابل تذكرة سفر واختلط المتسول المضطر بالمتسول المحترف واستخدمت تقنيات مختلفة كاللعب على العاطفة والمشاعر الدينية بالوقوف أمام المساجد خاصة يوم الجمعه حيث لا يشارك المتسول في الصلاة ولا يضيره أن يحدث ضجيجا أثنائها واصبح المتسول يلعب أدوارا كدور اللاجئ السوري فيغير من لهجته بل أن بعض السوريين والسوريات اصبحوا جزء من شبكة تسول تراهم يبحثون عن سيارات أجرة مباشرة بعد انتهاء عملهم نحو نقطة معينة – سيارة أجرة يصعب على المواطن العادي أن يستأجرها بمفرده ولم ينجو السائح من التحرش به من طرف بعض المتسولين حيث يخاطب بطريقة فجّة نحو إرغامه لدفع بعض المال مع ما يضر بصورة البلاد وما يمس قطاع السياحة بصفة عامة ومهما كانت الأسباب فإن هذه المظاهر مضرة بالسلم وبالشارع التونسي خاصة في ظل وجود إدارات بفترض أنها قادرة على فرز من له الحق ومن ليس له الحق في الدعم وتعاضدها جهود الجمعيات المنتشرة بالبلاد والتي تعمل بطريقة قانونية تضامنية لا يرقى إليها شك فهي تمحص الملفات الواردة عليها بشكل كبير قبل البت فيها لقد حان الأوان لإيقاف هذه الظواهر بضبط الوضعيات وفرزها والإحاطة بها إجتماعيا واقتصاديا نحو مدينة آمنة وقطاع سياحي لا يتعرض فيه السائح إلى المضايقات ومواطن كريم لا يتذلل ولا يذل.