قصّة صبر أيوب (للعبرة)
يتحدث الناس ويغني المغنون عن صبر أيوب فمن هو أيوب ؟ وماهي قصّة صبره ؟
هو نبي الله من ذرية سيدنا اسحاق عليه السلام، كان كثير المال، وكان له أولاد كثيرين…عاش على نعم الله متمتعا عشرات السنين…الى أن ابتلاه الله ليختبره.
في يوم أصابه الله بمرض ولم ينج منه عضو في جسده سرى قلبه ولسانه، فكان صابرا ذاكرا الله في ليله ونهاره…طال مرضه فانقطع عنه الناس خشية العدوى، وأخرجوه من بلده، وألقوا به على مزبلة، ولم يحنّ عليه أحد غير زوجته…فكانت تتردّد عليه وتصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته.
في مرضه فقد أمواله ومزارعه ومات أولاده واحدا بعد واحد، فكانت المصائب تتوالى عليه وهو صابر..ضعف حاله وحال زوجته واحتاجت فاضطرت الى خدمة الناس في المنازل لتطعم زوجها وتطعم نفسها…
تدهورت صحّة النبي أيوب وتساقط منه اللحم ولم يبق منه إلا العظم فكانت زوجته تأتيه بالرماد تفرشه تحته، فلما طال عليها أمره سألت زوجها أن يدعو ربّه ويطلب منه الفرج فرفض وقال : عشت سبعين سنة أنعم بالفرج فكيف لا أصبر على المرض سبعين سنة ؟
امتنع الناس من التعامل مع زوجته خوفا من العدوى، فازداد احتياجها واضطرّت أن تقصّ احدى ضفيرتيها وباعتها لبنت واحد من الأشراف مقابل طعام كثير..فلما أتت به وقدّمته لأيوب سألها : من أين لك هذا ؟ قالت : خدمت في بيت عائلة وأخذت أجري.
لما انتهى الطعام واحتاجت قصّت ضفيرتها الثانية وباعتها بطعام، فلمّا قدّمته لأيوب سألها : من أين لك هذا ؟ وحلف ألا يأكل منه حتى تخبره بمصدره، فكشفت عن رأسها وخمارها..فلما رأى رأسها محلوقا تألم وازداد كربه وتوجه الى الله يدعو ويردّد “ربّ أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين”
استجاب الله لدعاء نبيّه كيف ؟ خرجت معه زوجته لقضاء حاجته وهي تمسك بيده وتسنده..لمّا تركته يقضي حاجته وبقيت تنتظر عودته لتأخذ بيده وتعيده الى مكانه، لكنه تأخر عن عادته وأبطأ.
أين ذهب أيوب ؟ أوحى لله إليه بأن يضرب الأرض برجله فضرب وخرج منها ماء بارد فاغتسل منه وشرب فشفي ممّا أصابه وسلم جسده من كل مرض، فلمّا عاد الى زوجته لم تعرفه وظنته رجلا غريبا وسألته : هل رأيت أيوب ؟ قال لها : ويحك أنا أيوب؟ ردّ الله عليّ صحتي وشفاني من كل أمراضي…
فرحت الزوجة وسعدت بالمفاجأة..وأصلح الله لأيوب حال زوجته، وردّ جمالها وشعرها فحملت وولدت، ورزقهم الله رزقا كثيرا كالذي كانا ينعمان به….
ولأن الناس هجروه في مرضه وأخرجوه من بيته ورموه بالزبالة فهل ينتقم منهم وقد عادت إليه صحته وأمواله ؟ فكّر ورفض هذا الموقف لأنه ليس من أخلاق الأنبياء، فماذا فعل ؟ هداه الله فاستغفر لمن أساؤوا إليه، ومدّ يد الصّحبة والمحبة إليهم كما كان يفعل معهم من قبل.
(المرجع : مختصر بن كثير)
قالوا :
اصبر لكل مصيبة وتجلّد *** واعلم بأن الدّهر غير مخلّد
– صبرك عن محارم الله أيسر من صبرك على عذاب الله