فطيرة وفطايري
(فطيرة) أكلة صباحية شتائية في الغالب. تصنع من دقيق القمح يتحوّل الى عجين..والعجين يقطع قطعا وكل قطعة ترمى في مقلاة بها زيت، حتى اذا نضجت وضعت بين الأيدي للأكل، تؤكل كما هي، وتؤكل مغموسة في العسل أو السكر تخفيفا لحرارتها…(كل واحد وشهوتو)
هذه الفطيرة لها في تاريخها حديث وقول..قيل : إن الذين صنعُوها أوّلا هم اليهود، وقيل – وهذا هو الراجح – ان الذين صنعوها هم أهالي (ورغمه) وهم أمازيغ يتألّفون من قبائل متعدّدة لهم لغاتهم، يقال : لم يبق منها غير واحدة والأخرى قضي عليها الاستعمار الفرنسي لما نصب خيامه وسلّط سلطته العسكرية على الجنوب التونسي بما فيه (مدنين) موطن الورغميين
الفطيرة يصنعها الفطائري، وهو أرغمّي…ولأنها صناعة متنقلة فقد انتقلت من ورغمة كما انتقلت الأكلة الأمازيغية (الكسكسي)..والكسكسي أكلة دخلت كل بيت، وصنعتها كل ربة بيت في تونس وخارج تونس، لكن (الفطيرة) بقيت صناعة يصنعها فطايري (ورغمي)..والورغمي انتقل بصناعته الى مدن تونسية، وانتشر أكثر بتونس العاصمة، ويقال : لقد بلغ عدد (الفطايرية) في العاصمة العشرات، ولذلك نظموا أمورهم فصاروا ينتخبون منهم أمينا عليهم عرف بخبرته وقدرته على مراقبتهم وتوجيههم وجمع كلمتهم والدفاع عن حقوقهم.
ولأن الفطايري يصنع الفطيرة في دكان، فهو يكتريه ولا يكتريه واحد وإنّما يكتريه اثنان ليتعاونا، وهما يكتريانه لصناعة الفطاير، ويكتريانه ليبيتا فيه غالبا وذلك ما صار وكان في الماضي..
قلت : هذه الصناعة صاحبها يسهل عليه التنقل، ولذلك نراها دخلت الجزائر ودخلت المغرب، ووصلت الى فرنسا وغيرها…ولقد بحثت عن هذه الفطيرة وهذا الفطايري الورغمي في سان فرانسيسكو فلم أجدهما ولكنني وجدت فطيرة صينية كبيرة وعريضة لا تساوي في طعمها ونكهتها طعم ونكهة فطيرة الورغمي التونسي…
وفطيرة الورغمي، ان وجدت في كل المدن التونسية فإنها لم تكن موجودة في صفاقس، ففطيرة صفاقس أرقّ وتسمّى (السّفنج) يصنعها صفاقسي لا ورغمي، واشتهر بصناعتها (السياليون) لماذا . جاءت فطيرة صفاقس بشكلها الخاصّ ؟ هذا ما يجب أن يبحث عنه…ولماذا لم يدخل الورغمي الفطايري صفاقس إلاّ بعد قرون ؟ فهذا يجب أن يدرس ويبحث
وممّا يجب أن أختم به حديثي هو أن كل ورغمي إذا وقف على الفطايري الورغمي وطلب منه (فطيرة) يقدّمها له مع التحية دون أن يأخذ منه ثمنا يقابلها..
قالوا : نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا فلا نشبع