شارة بطال،كانت تِشْخِرْ…
مهما ارتفعت تكاليف المعيشة ومهما اختفت البضاعة من الاسواق وتدنت المداخيل، مهما استفحل التضخم المالي وافلست البنوك فانها جميعا لا تمثل ازمة حياة بمثل ما يترتب عن مصيبة البطالة وذلك لان من ينام عن فتاة خبز ليس كمن ينام على الطوى، ولان لحركة النقود المعدنية في الجيوب موسيقى لا يعرف روعتها الا المحروم ولا يدرك ماساة المحروم الا اولئك الذين قذفت بهم الازمة خارج ابواب المصانع والورشات. لقد بلغ تعدادهم الآلاف “يتكدسون” في منعطفات البؤس والحرمان يتقاسمون العذاب مع اولئك الذين تعلموا وصنعوا بعرق الجبين وجهد الاعصاب هيكل شغل بحثوا عنه طويلا ولم يجدوه.. لذلك نزعم ان كل شيء يهون لو قيس بماساة البطالة، وأن الازمة المالية اليوم ما هي بكل اسف الا هاجس الكبار هاجس الاثرياء، هاجسهم الذي قرع فزاعته ليعلن ان الجشع بلغ بهم حدا يفقدون معه كل حظوظ الربح القياسي الذي تعودوا عليه.
الكساد اذا والانكماش والازمة ليست في ثنايا المتداول من المعاملات وانما قمة الازمة، قمة مشاكل الوضع الاقتصادي هي في تقديرنا كامنة في البطالة، وعلى الخبراء ورجال السياسة ان يطرحوا القضية بكل ابعادها الاقتصادية والاجتماعية والانسانية والتي هي اولى بكل اهتمام. البطالة مؤشر ذو دلالة على مسيرة التنمية في كل دولة، ولا قيمة لأي خيار سياسي في برامج نظم الحكم ما لم يعمل اصحابه على تطويق البطالة والحد التدريجي من نسبها واستنباط الافكار لاحداث المزيد من مواطن الشغل، فكل دول العالم ثرية كانت او فقيرة متطورة او نامية تعاني من ضغط البطالة بوجه من الوجوه، ولئن كانت الجهود متفاوتة من بلد لآخر فان احوج الدول لاحتواء القضية هي تلك التي تتخذ احيانا قرارات تعقّد الوضع وتجعل له مضاعفات ما انزل الله بها من سلطان.
يصطفّ العاطلون عن العمل في طابور طويل يترقبون فرصة شغور موطن شغل : يترقبون اجراء استثنائيا يحرر بعض مواطن الرزق، يتطلعون الى اخبار المفصولين والمستقيلين والمتقاعدين، يزعجهم اي قرار لا يراعي دينامية التعاقب على الوظائف من مثل الاسعاف بالبقاء على حالة المباشرة برغم بلوغ سن التقاعد، او الاجحاف في عدم الاستجابة لمطالب التقاعد المبكر او الاحالة على عدم المباشرة، ويغذي فيهم الامل كل اجراء يحفز على استحداث مواطن شغل…
تتردد في اوساط هؤلاء ممن تتمثل فيهم ازمة الحياة بجميع ابعادها- اسطورة حلم صرف رواتب بعض موظفي الادارة دون مطالبتم بمباشرة العمل وذلك من اجل توفير مواطن شغل للعاطلين وخاصة من ذوي الشهائد العليا، وهكذا يتحقق الاستغناء عن خدمات من ظلوا مقيدين بانماط متحجرة من العمل، وتسد كذلك منافذ اساليب غير مشروعة تعودت عليها شرائح من موظفين لا خلاق لهم..
كيف ستتصرف اليوم حكومة الفخفاخ؟ انها ولا شك ستحمل “cov19” مسؤولية ما حدث..
التوفيق اللومي