رئيس الوزراء الهادي نويرة (لا ينسى)
اسألوا التاريخ عن الهادي نويرة فسوف يقدّم لكم صفحات نضال من نضاله تعدّ بالعشرات لكنها بقيت مطوية قلّ من عرفها واطلع عليها
اسألوا التاريخ عن رؤساء الحكومات الذين مروا بتونس منذ الاستقلال الى اليوم فسوف تجدون في التاريخ صفحة تقول وتشهد بأن الهادي نويرة هو أكفأ وأقوى من تولى رئاسة وزارة في تونس.
واسألوا التاريخ عن الرجال الذين تحمّلوا مسؤولية قيادة سفينة الاقتصاد التونسي فسوف تجدون في التاريخ شهادة تقول :”الهادي نويرة هو أبو الاقتصاد التونسي”
أنا أشهد أن تونس مرت في ستينات القرن الماضي بتجربة وفلسفة التعاضد فكسدت التجارة، وقلت البضاعة الضرورية فصار التونسيون والتونسيات ينظمون رحلات جماعية نحو ليبيا وايطاليا ومالطة ليستوردوا (الشلايك، وماكينات الحجامة واللاّمات، والأغطية والسواري، و القلاصن والحلوى والشنڤوم)
تحوّلت الدكاكين الى تعاضديات وامتدّت الأيدي الى الفلاحة والفلاحين ومربي الأغنام وصيادي السمك فخاف أصحابها على أملاكهم، فعرضوها في الأسواق تباع بأبخس الأثمان.
شجع المنافقون التعاضد ووزير التعاضد، وتحرّك المعارضون في خفاء وفي تجمعات احتجاج حتى تقرّر إيقاف التعاضد ووزير التعاضد من طرف بورڤيبة بعد أن كان يطالب الشعب بالهتاف لأحمد بن صالح…
عزل بورڤيبة الباهي الأدغم من رئاسة الوزراء وعيّن رفيقه في النضال والكفاح الهادي نويرة… وانعقدت اجتماعات في كل ولاية برئاسة الهادي نويرة، فكثرت فيها الشكوى من التعاضد وكثرت المطالبة باقتصاد حرّ…
أعدّ الهادي نويرة وهو الخبير سياسيا والخبير اقتصاديا خطة، فقد كان المؤسس للبنك المركزي التونسي وانطلقت القوانين والقرارات والأوامر والمناشير تفتح الأبواب في وجوه أصحاب رؤوس الأموال، وتفتح الأبواب للمصانع، وللعمال في المصانع، وتصدير ما تنتجه الأرض في البرّ والبحر وما تنتجه المصانع، وارتفعت الأجور، وارتفعت أثمان الأراضي وكثرت العمارات والمباني، وصارت الكماليات في البيوت ضروريات، وتسابق الناس في أعراسهم وأتراحهم…وصار للدينار وزنه، صار للهادي نويرة قوله في قصر قرطاج وعند سيّد وسيدة قصر قرطاج (بورڤيبة ووسيلة) صارت للهادي نويرة كلمته القوية في سياسة الدولة فوقف دون تغوّل الاتحاد العام التونسي للشغل وأوقفه عند حدّه…ولما وقع الرئيس الحبيب بورڤيبة في فخ الوزير محمد المصمودي والقائد الليبي معمر القذافي وقَـبِلَ مبدأ الوحدة مع ليبيا في دولة عربية اسلامية وقف الهادي نويرة دونها وحوّلها الى (منامة عتارس)…
بقي الهادي نويرة رئيسا لوزراء تونس عشر سنوات حتى أصيب بمرض أقصاه عن الحكم فلزم بيته الى وفاته سنة 1993…ولكن بقي حيّا يذكر بالعزّ والفخر…لماذا ؟ (أعطني عقلك)
قالوا : ليس المهم من رئيس الوزراء صبّ العسل في الأكواب فقط وإنما هو مطالب أيضا بصبّ الدواء في أفواه المرضى