حكايـــــــــة أغنيــــة
الأغاني التي تُعدّ إحدى جواهر الموسيقى التونسية أغنية “زعمه يصافي الدهر” التي اشتهرت بها السيدة نعمة ذلك أنّ كلاّ من المرحومين محمود بورڤيبة ومحمد التريكي قد سكبا فيها عصارة أحاسيسهما وجنّدا كلّ قُدراتهما في صناعتي الشعر والموسيقى مما جعلها من القطع الخالدة في التراث الموسيقي التونسي. ولهذه الأغنية قصّة وَلّدتها على هذا النحو.
يروي الفنان الكبير محمد التريكي أنّه هام حُبًّا بإحدى بنات الأكابر في عشرينات القرن العشرين ويبدو أنّها بادلته الحبّ ولمّا تقدّم لخطبتها جُوبِهَ برفض بَاتّ لأنّ الأرسطقراطيّة في الحاضرة آنذاك كانت تنظر الى الفنان نظرة فيها دونيّة واحتقار…وصُدم فنّاننا صدمة كبيرة أثّرت في صحته فلازم الفراش، وكان الشاعر محمود بورڤيبة صديقا حميما لهُ فزاره ليواسيه وتجاذبا الحديث في أسباب العلّة، فأطلق التريكي تنهيدة من الأعماق اهتزت لها أركان الغرفة فقال :”زعمه يصافي الدّهر يا مشكايا ؟” فأجابه محمود بورڤيبة على الفور :”ونعود نضحك بعد طول بكايا” ثم ما لبث أن أكمل المقطوعة وقدّمها له فانساب الله مِطْواعا واحتفظ بها لنفسه خاصّة عندما فارقت حبيبته الحياة. وبعد مدّة قدّمها للرشيديّة فغنتها فتحية خيري أوّلا ثم صليحة ولكن التي اشتهرت بها هي السيّدة نعمة :
زعمة يصافي الدهر يا مشكايا *** ونعود نضحك بعد طول بكايا
زعمة يولي الدهر ويلاقينا *** وننسى مالاتعاب ما قاسينا
ونكمدوالي كان شامت فينا *** والي نكلم فيه فاتو خفايا..
زعمة الفلك يدور ليا يوم يردّك *** ونشوف ورد الحسن مالي خدّك
ونحاسبك عليّ جرالي بعدك *** وعلى عذابي بفرقتك وشقايا
ياما سهرت الليل وانا انّوَح ***نبكي ونشكي من القضا ومطوّح
في محبتك راني مريض ملوّح ***وانت طبيبي علاش زدْتِ جفايا