تاريخ الطاعون في صفاقس
قالوا : الطاعون مرض فيرُوسي معد خطير مميت، يصيب الفئران وتنقله منها البراغيث الى فئران أخرى، ومن الفئران إلى الانسان.
يروي المؤرخون أن الطاعون أصاب سكان مدينة صفاقس سنة 1784، وغزا المدينة طولا وعرضا، وتكاثرت في الناس الإصابات الى أن بلغ عدد الموتى به في اليوم الواحد مائتين وخمسين، وما انتهى واختفى حتى أمات خمسة عشر ألفا من الرجال والنساء، وكانت الإصابات بالمرض في النساء أكثر من الرجال، وفي الزنوج أكثر من البيض.
وقد مدّ الطاعون يده الى عدد كبير من رجال العلم والفقه والأدب وحملة القرآن الكريم من بينهم : القاضي عبد السلام بن عبد العزيز الفراتي، والمفتي العالم حسن بن أحمد الشرفي والإمام الفقيه الطيب بن محمد الشرفي، وأبناه الشيخان محمد وعبد السلام، والشاعر الأديب الشيخ الطيب بن علي ذويب، والقاضي الفقيه المصمودي والولي الصالح سعيد حريز وغيرهم كثير. ويقال : ان آخر من ركبه الطاعون ومات به العدل علي العش.
هذا الطاعون وصل الى صفاقس عبر الحدود البحرية من مصر ومن الإسكندرية خاصّة. فهذه المدينة كانت بينها وبين تجار صفاقس مبادلات، ولما دخلها الطاعون خاف التجار الصفاقسيون فقرروا العودة الى صفاقس. فكيف عادوا ؟ اكتروا من البندقية مراكب، وتوجهوا نحو صفاقس، ولم يجدوا من السلطة من يراقب حالتهم الصحية ولا يأذن لواحد بالدخول الى صفاقس إلا بعد التثبت من سلامته من الطاعون، لأنّه لم تكن لديهم الوسائل الصحية التي تكشف المرض كشفا صحيحا كاملا كافيا وقادرا على التثبت كما يحدث اليوم مع الكورونا…لذلك دخل التجار صفاقس، واختلطوا بعائلاتهم ونسائهم وأولادهم كما اختلطوا بالتجار في الأسواق وبالمصلين في المساجد فكانت العدوى الرهيبة، وكان الطاعون قادرا على أن يقضي على سدس سكان صفاقس.
ويذكر الشيخ محمود مڤديش في كتابه (نزهة الأنظار) أن صفاقس أصيبت من قبل بالطاعون سنة 1622 وعاد إليها ما بين سنتي 1688و 1689 وكان رهيبا مخيفا..فقد كان يقتل في اليوم الواحد تسعمائة شخص. رحمهم الله وتقبلهم في جنّة رضوانه.
(نقلا عن الفيسبوك)
إن الذي يقارن بين الطاعون بصفاقس في الماضي والكورونا اليوم يحمد الله على أن العالم تقدّم وأن الأطباء في كافة الاختصاصات كثروا فكانوا كالجنود في الحرب يواجهون وباء الكورونا بسلاح العلم ويحاولون سدّ الأبواب والمنافذ لمنع انتشاره، كما استطاعوا أن يفتكوا أحيانا مريض الوباء من مخالبه…وهذا لم يتوفر لأجدادنا في صفاقس مع الطاعون…وقولوا : الحمد لله الذي علم بالقلم، علّم الانسان ما لم يعلم.
قــــالــوا :
ألا إن هذا الوباء قد سبا ***وقد كان يرسل طوفانه
فلا عاصم اليوم من أمره *** سوى رحمة الله سبحانه