بعض الأفكار حول ما يحصل هذه الأيام في بلدي تونس..
هذا الشباب الهائج في الطّرُقات يستطيع أن يقوم بإنتفاضة و ليس له أدوات الفعل الثّوري.. الثورة تحتاج لفكر و مفاهيم مشتركة وواضحة، و لقيادة ميدانية قادرة على التفاوض مع الموجود و لديها مشروع حكم حقيقي..
في وضعيّة الحجر الصحي و حظر التجوال المُبكّر، الدّولة تفرض على هذا الشباب البقاء في فضاء عائلي يفتقد في بعض الأحيان لأبسط مقوّمات الحياة الكريمة و تمنعه من العيش في عالمه الموازي مع من يشبهونه.. و لمّا يفيض الكأس، يجد قوّات الأمن في مُواجهته في الشّوارع الفارغة من الحياة..
الشباب الهائج في الطّرُقات :
1) هو شباب ما بعد منظومة بن علي، يعني كان طفلا عندما إندلعت الثّورة في ديسمبر 2010/جانفي 2011.. ثورة فاشلة بسبب إنقلاب جزء من معارضي النّظام السّابق على مبادئهم وعلى المصلحة العليا للوطن و محاولتهم التّحكّم بمفاصل الدولة لأسباب مادّيّة و لمنافع شخصيّة، و تستّرهم على منظومة الرّيع و الفساد الإداري و المالي،
2) في جزء كبير منه، خاصّة في الأحياء الشّعبيّة و المناطق الدّاخليّة المنسيّة، ترك الدّراسة مُبكّرا أو يتجاهلها، و أضحى فريسة سائغة للشّارع بسبب فراغ الفضاء التربوي العمومي.. و تكوّن لديه شعور بالضّيم و القهر في غياب أفق للتشغيل و بناء أسرة، و أصبح ركوب البحر أو العنف حلّه الوحيد في غياب منطق فكري و ثقافي مُتطوّر.. تُحرّكه الإشاعات و الشبكات الإجتماعيّة، و لا يقرأ و لا يكتب و لا يُفكّر إلاّ بغريزة البقاء ،
3) هو من يجد في ملاعب كرة القدم ملاذا وقتيا و أفيونا جماعيّا لتطرّف ممارساته الإجتماعيّة و هيجان روحه الغير مكتملة البناء.. يبحث عن التصادم مع قوّات الأمن في الملاعب و الشّوارع و السّاحات لأنّها تُمثّل غطرسة منظومة لا تفهمه و لا تقترح عليه حُلولا تتناسب مع وضعه و قُدُراته.. فيدخل معها و ضدّها في تحدّي.. و في ظلّ إمكانياته المحدودة و إنغلاق الآفاق، فإنّ الحلول لديه سُكرٌ مُطبق على قارعة الطريق قد يقتله أو حشيش يشربه لينسى..