المشيشي المسكين
عرفنا في عهد بورڤيبة
وعرفنا في عهد بن علي رئيسَ وزراء بعد رئيس وزراء…
فيهم من بقي على الكرسيّ عشر سنوات وهو ينعم بظل ومظلة وحماية رئيس الجمهورية…
لا يعلو عليه صوت، ولا يقدح ولا ينتقد بحرف في وسائل إعلام…
وجاءت الثورة…جاءت وجاء معها رئيس حكومة بعد رئيس حكومة…
جاءت الثورة ومضت عشر سنوات لم يسلم فيها رئيس حكومة من سهام النقد حتى سقطت في تونس حكومة بعد حكومة…وبقي الشعب هو الذي يدفع فاتورة سقوط كل حكومة.
قالوا : تسقط الحكومة لأسباب خلافات حزبية بين أحزابِ ولاءٍ للحكومة وأحزابِ معارضة للحكومة. بحثوا عن الدواء الذي يقوّيها، والغطاء الذي يحميها ويقيها فوجدوه في استقلال الحكومة عن كل حزب…
وجدوا في المستقلّين هشام المشيشي فسلّموا له مفتاح الأمانة ورئاسة الحكومة وتركوه يختار من المستقلين كل من يراهُ كفؤًا لوِزارة.
وتشكلت الوزارة…فهل وجدت الوزارة الأمن والأمان في السياسة والسياسي ؟
وجد هشام المشيشي تركة ثقيلة تركتها حكومات سقطت في عشرية الثورة، وجد النقابات تقود مظاهرات، وتعتلي كراسي الخطابة لتؤجج النار في الذين تجمّعوا وخرجوا للاحتجاجات على الحكومة وكل وزير في الحكومة
إنّهم يحتجون لأن عقودًا وعهودا واتفاقيات أبرمَها مع من سبقوا المشيشي ووزراءَ المشيشي في كل وزارة…
إنّهم يطالبون بالوفاء بالعهد، ويطالبون بتنفيذ كل اتفاق بكامل حروفه، ووجد المشيشي نفسه وحكومته مطالبين بالمليارات يطفئون بها كل احتجاج ويطهرون الساحات من كل اضراب…
المليارات من أين تأتي ومن أيّ بحر تصاد وبحور تونس قد نزحت ونشفت ومات لؤلؤها ومرجانها وكل فريق يتّهم بها الفريق الآخر…؟
المليارات من أين تأتي وثروات تونس يتحكّم فيها العاطلون عن العمل الذين وجِدَت الثَروةُ في أرضهم، فهم يرونها ملكا من أملاكهم لهم الحق في أن يشبعُوا منها قبل غيرهم ؟
من أين تأتي المليارات يا مشيشي المسكين وقد حلّ بأرض تونس وباء الكورونا يملأ المستشفيات والمصحات ويحصد الأرواح، والمليارات تصرف وتنفق من صندوق القروض والديون لمحاربة الكورونا والكورونا في الحرب تنتصر..تنتصر..تنتصر..والآلاف من الشعب والأحزاب والنقابات يحاربون الحكومة عوض أن يحاربوا الكورونا ويطالبون المشيشي (بياليل يا عين وحياة الفنّ) وهو حائر في توفير الدواء والقبر والكَفَن…أليس من حقنا أن نقول : مسكين المشيشي ؟ وأعطني عقلك
قالوا : الحكومة طاحونة تصنع الطاقة، فهل تستطيع أن تصمد إذا هبّت عليها عواصف فوق الطاقة ؟