المخرج بويكر العش: التلفزة دائما في العين و القلب..
عاش أعضاء فرع صفاقس لجمعية قدماء الإذاعة والتلفزة التونسية اليوم الاثنين 27 مارس 2023 وقتا ممتعا رفقة المخرج التلفزيوني القدير بوبكر العش حيث انتقلوا لمنزله للاطمئنان على أحواله وتسليمه شهادة شكر وتقدير من جمعية القدماء، اعترافا بمسيرته التلفزيونية الطويلة الثرية.
سي بوبكر أعطى 37 سنة كاملة من شبابه وكهولته للعمل التلفزي العمومي الوطني والجهوي، وقد قضى أكثر من نصف تلك المدة في تونس، في رحاب شارع الحريّة، أين أسهم في انطلاق التلفزة التونسية سنة 1966 وأسهم في ازدهارها، وقضى بقية المدة في وحدة الإنتاج التلفزي بصفاقس إلى أن خرج من الباب الكبير سنة 2002، عندما حان وقت التقاعد.
وهو يستعرض أوراق أرشيفه المحلّى بالوثائق والصور وقصاصات الصحف والجوائز وشهادات التقدير ، كان سي بوبكر كما عهده زملاؤه مبتسما متواضعا هادئا وأنيقا. كانت قصته مع التلفزة سردية جميلة ابتدأها شابا مطلع الستينات في مدرسة السينما بباريس Conservatoire Libre du Cinéma Français ثمّ مباشرة في التلفزة التونسية حيث كان ضمن الكوكبة الأولى من المخرجين الذين أهدوا التونسيين والتونسيات شاشتهم الأولى في 31 ماي 1966 بعد سلسلة من التحضيرات والتجارب في أجواء ملؤها الحماس والعطاء وحب البلاد.
عمل سي بوبكر تقريبا في كل اختصاصات الإخراج، المنوعات والاخبار والوثائقيات وبرامج الأطفال، وامتاز في الوثائقيات العلمية حيث عرضت له أشرطة عن مقاومة السموم وداء الكلب والحشرات الفلاحية في التلفزيون الفرنسي وكانت محل دراسة في المعهد الفرنسي للسمعي البصري INA. يذكر سي بوبكر العش بشكل خاص انطلاق فقرة أحوال الطقس على يديه ولا ينسى أبدا وقائع ذلك اليوم الذي ألقى فيه الرئيس بورقيبة أول خطاب تلفزيوني له، فقد كان المخرج الشاب في أستوديو البث وكان هو من أعطى الزعيم الإشارة التلفزيونية لبدء إلقاء الخطاب.
الحديث دار لبعض الوقت حول الفرقة الموسيقية للفنون الشعبية التي أنشأها سي بوبكر مع تونسيين في فرنسا عندما كان طالبا هناك وسبق بها الشيخ محمد بودية على حدّ قوله ممازحا، ثم انتقل إلى برامج محو الأمية في التلفزة التونسية وسلسلة ” لقاء ” مع خالد التلاتلي التي خلدت سير أعلام تونس في مجالات الثقافة والفكر والفنون، وتطرّق كذلك إلى تربصات وملتقيات تلفزيونية في مصر والمغرب وإيطاليا وغيرها، شارك فيها سي بوبكر وشرف فيها الكفاءات التلفزيونية التونسية، وكان لا بد للحديث أن يفضي إلى التحاق الرّجل بوحدة الإنتاج التلفزي بصفاقس سنة 1984 للإشراف على الوحدة مع ممارسة أعمال الإخراج فقد كان ذلك من العوامل الفعالة في تحقيق نموّ مركز صفاقس وازدهاره بشكل لافت في عقد التسعينات وبعده.
لا يتّسع المجال لذكر كل ما دار حوله اللقاء فكل واحد من قدمائنا كتاب عطاءات لا يقرأ من مرة واحدة، وكم سيكون مفيدا لو أتيح المجال لتدوينه وحفظه، إرثا متوارثا يحفظ الذاكرة الجماعية ويربط الأجيال المتعاقبة على مؤسسة، تعطيها وتعطيك، تظل دائما في العين والقلب.
فرع صفاقس لجمعية قدماء الإذاعة والتلفزة التونسية.
رضا القلال/ محمد المزغني/ زهير بن حمد